كرد سوريا ضحية المصالح الدولية

مروان عيدي
في نظرة متانية وعميقة الى مجريات الاحداث منذ انطلاق الثورة السورية في بداية اذار 2011 وحتى اليوم ندرك ومما لايترك مجال للشك ان الجميع كانوا متحضرين ومستعدين لها ومدركين ساعة الصفر لانطلاقتها ليس هذا فحسب بل ان النظام هو من حدد ساعة الصفرلإنطلاقها كما حدد من قبله والده حافظ الاسد ساعة الصفر وفرضها على الاخوان المسلمين اثناء أحداث حماة وحلب في بداية الثمانينات من القرن المنصرم.
وكانت الحجة إعتقال أطفال درعا وإهانة ذويهم التي كانت الشرارة الأولى وبالإتفاق مع الدول الفاعلة كإسرائيل أولا وأمريكا صاحبة مشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير ثانيا.
أما مايخص اسرائيل فمن مصلحتها انهيار دولة قوية وغنية بحجم سوريا على حدودها وتأمين هذه الحدود والدفع باتجاه إطالة أمد الصراع حتى الوصول الى التقسم وإقامة الدولة العلوية لأن فيها مصلحة إستراتيجية لإسرائيل كونها تنادي منذ إتفاقات أوسلو بينها وبين الفلسطينيين باستعدادها بالاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967 شرط إعتراف العالم العربي بها كدولة يهودية وأيضا للتغطية على عملية تنازل نظام بشار الاسد لها عن الجولان والأراضي التي إحتلتها إسرائيل أثناء وبعد حربي 1967 وعام 1973.
أما الولايات المتحدة الأمريكية سيدة العالم وصاحبة مشروع الشرق الاوسط الجديد فكانت بحاجة لتنفيذ مشروعها الى خلق أدوات وآليات لإطالة أمد الصراع في سوريا لذلك لم تضغط نهائيا بإتجاه كون النظام فاقد للشرعية وعليه الرحيل حتى بعد أن إستخدم الأسلحة الكيماوية المحرمة دولية لأكثر من مرة وفي أكثر من موقع وخلق العديد من المعارضات منها سياسية وكذلك العسكرية وربما الراديكالية ايضا واحتضنتها وخلق لها أسباب البقاء وديمومة الصراع ولكن ليس بشكل مباشر وإنما من خلال حلفائها في المنطقة كتركيا وقطر راعيتي التيار الإخواني وبعض اليساريين والتكنوقراط.
وكذلك السعودية وحلفائها في دول الخليج كراعيي التيار السلفي في المنطقة.
أما الكرد في سوريا وإنخراطهم المبكر في الثورة السورية وإشهارهم بالمشروع القومي وخيارهم الإستراتيجي كونهم جزء من الثورة السورية وإسقاطهم لتمثال حافظ الاسد للمرة الثانية في عامودا هدد وبشكل دراماتيكي المشاريع التي تعد للمنطقة والتي لن تتحقق إلا بإطالة أمدها فكان خيارهم باﻹعتماد على قيادة إقليم كوردستان بضرورة إحتواء الحركة الكردية في سوريا لما للرئيس برزاني وحزبه الديمقراطي الكوردستاني من إحترام ونفوذ لدى الحركة والشعب الكردي في سوريا ولم يكن من المنطقي حسب منظورهم ترك الشارع الكردي بيد تيار قومي يدعوا الى الفدرالية على أساس عرقي وجغرافي والإقتداء بتجربة جنوب كوردستان الأمر الذي سيخلق صراع داخلي بين المكونات في المنطقة والذي بدوره سيقف بالضد من المشاريع التي تعد للمنطقة.
فأعادوا حزب العمال الكردستاني الى الواجهة بصبغة سورية وتحت مسمى حزب الإتحاد الديمقراطي المطواع والمقبول من حيث التعاطي من قبل النظام وحلفائه الإيرانيين من جهة ولحاجة الإقليم ﻷوراق ضغط ولعب على المحاور الإقليمية وخاصة من جهة الضغط على تركيا لتقديم بعض التنازالات ﻹقليم كوردستان في موضوع كركوك واﻹستفتاء لاحقا للوصول الى الدولة الكوردية في جنوب كردستان ناهيكم عن حجم التبادل التجاري بين الاقليم وتركيا لتحييد تركيا عن الخطوات التي يعتزم قيادة الإقليم القيام بها .وكان لابد لها من ثمن وهو نسف المشروع القومي في الجزء الكردستاني الملحق بسوريا من خلال تدجين المجلس الوطني الكوردي وإضعافه ضمن المعارضة السورية وأيضا بين جماهيره وإظهاره بمظهر العاجز الذي لايملك من أمره شيئا وبالمقابل دعم ومساندة حزب الإتحاد الديمقراطي في السر والعلن والإشهار بمشروعه الطوباوي الأمة الديمقراطية وأخوة الشعوب الإدارة الذاتية الديمقراطية والتي دعائمها من العرب والسريان مقابل تهميش الكورد هذا المشروع الذي بدوره لاقى إستحسانا من النظام والدول الإقليمية وجميع أطياف المعارضة مقارنة بمشروع المجلس الوطني الكردي الداعي الى الفدرالية والحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي حسب العهود والمواثيق الدولية.
بهذا يكون قد أسدل الستار على الحقوق القومية للشعب الكردي حتى مئوية أخرى كون التاريخ يعيد نفسه  والكورد. 
 ضحايا لمصالح الدول الإقليمية واﻹستعمارية من جديد.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…