تفاهمات دولية في غياب السوريين

أحمــــــد قاســـــم
لقاء على أعلى مستويات عسكرية بين طهران وأنقرة, سينضم إليهما قائد أركان روسيا لبحث إمكانية التعاون فيما بينهم لثلاثة ملفات ( العراقية والسورية بالإضافة إلى الموقف من إجراء الإستفتاء في كردستان العراق ).
وعلى ما يبدو أننا سنرى تطورات خطيرة في الأسابيع القادمة بعد التقرب من الإنتهاء من ملف الحرب على داعش. وأعتقد أن المحاور ستتغير إن لم نقل أنها ستتفكك لتتشكل محاور أخرى لطالما أن مشروع إستقرار المنطقة حتى الآن لم يرى النور, وكل ما نتابعه أو نسمعه هو الإعلان عن مناطق خفض التصعيد, والتي تم التوافق عليها في لقاءات آستانة بين المعارضة المسلحة والنظام بإدارة روسية وتركية وإيرانية.
سيتفق الأطراف الثلاثة ( إيران وتركيا بالإضافة إلى روسيا ) على ترتيبات أمنية في محافظة ( أدلب ) والتي تقع في غالبيتها تحت سيطرة ( جبهة النصرة الإرهابية ).. وهناك تكهنات على أن المحافظة ستسلم إلى النظام بعد تحريرها من جبهة النصرة. ولكن السؤال الكبير الذي يتم طرحه, وماذا سيكون مصير الآلاف من الذين تم تهجيرهم من مناطقهم إلى محافظة أدلب؟ وهل تحقيق الأمن بالقوة العسكرية من دون حل سياسي يرضي الشعب السوري ومكوناته المختلفة من دون تحقيق الحقوق التي كانت سبباً في إندلاع الثورة في 1532011 سيرضي الشعب السوري؟
أما تخويف الشعب السوري من مظاهر التقسيم, أعتقد هي إحدى الفزاعات التي كان النظام يرددها طوال حكمه على سوريا.. فلا يوجد أي مكون سوري يدعي بأنه سيقسم سوريا, وبنفس الوقت لايرضى بأي حل إن لم يشارك في وضع أسسه ومرتكزاته, وبالتالي, فإن المساعي الدولية التي تهدف إلى وقف الحرب من دون مشاركة الشعب السوري في وضع حلول سياسية للأزمة, لايمكن أن تجدي نفعاً, كون تلك الدول لاترى هذه الأزمة ومسبباتها إلا من منظورمصلحي, فكل دولة تسعى أن تحقق مصالحها في الأخير من دون أن تفكر بمصلحة الشعب السوري في الحرية والكرامة.
أما المعارضات السياسية المختلفة وبكل منصاتها, تبدو أنها ابتعدت هي أيضاً عن التمثيل الحقيقي لإرادة الشعب السوري وحقوقه في الحياة. كون تلك المعارضات تتبع لإرادة تلك الدول التي هي بالأساس من تدير الأزمة وتقرر عن الشعب السوري كيفية إنهائها ومعالجاتها.. وبالتالي, فإن مفاوضاتها من أجل حل الأزمة مع النظام في جنيف وآستانة تحت المظلة الدولية لاتلبي طموحات الشعب السوري بالأساس. كون تلك المفاوضات ومنذ إنطلاقتها تخضع للإبتزاز من قبل الدول النافذة لتوجيهها نحو تحقيق مصالحها عنوة عن المعارضة.
أعتقد أن التفاهم بين ( تركيا وإيران وروسيا ) على مستقبل سوريا من خلال فرض واقع أمني على الأرض والإبقاء على النظام بعد كل هذه التضحيات والتدمير بغياب الحضورالسوري لايمكن أن يؤدي إلى حلول ناجعة, إضافة إلى أن أمريكا لها رؤية أخرى تجاه الأزمة في المنطقة إن كانت في العراق أو سوريا أو أية منطقة أخرى قد تكون لها علاقة بمنطقتنا بشكل أو بآخر.
من هنا أجزم, بأن كل المساعي الدولية ( ذوات النفوذ ) التي تقوم بها تلك الدول, وجعل المبعوث الأممي السيد ( ديميستورا ) وجولاته مظلة لتلك المساعي التي أعتقد أنها بالأساس مشبوهة فلا تفضي إلى حل, وبالعكس من ذلك ستفتح بوابة جديدة لدخول الأزمة إلى مرحلة أخرى وقد تكون الأصعب.. وبالتالي, أعتقد الحل يكمن في مسعى آخر إن يصدق المجتمع الدولي في مساعيه, وهو العمل على عقد مؤتمر وطني شامل لممثلي جميع مكونات الشعب السوري تحت مظلته ( أي المظلة الأممية ) والبحث مع مندوبي المؤتمر عن طريق الحل للأزمة وبشكل جذري, ويكون المؤتمر ذو صلاحيات تشريعية وتنفيذية في آن معاً من خلال مخرجاته من القرارات والتوصيات يتم الأخذ بها بمساعدة مجلس الأمن. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…