رحيل الشخصية الوطنية والثقافية ملا علي داري

أيهم اليوسف
 
توقف عن النبض، قلب المناضل الكردي والعالم المتنور سيدايي ملا علي داري، عن عمر ناهز 87 عاماً، تاركاً وراءه إرثاً كبيراً ومشرفاً، كشخصية  مهمة دينياً، وسياسياً، واجتماعياً، كما أنه عرف كمثقف وطني ذي رؤية علمانية، إذ ربّى أبناءه على محبة اللغة والأدب الكرديين والإخلاص لقضية شعبهم.
انكب الراحل على العلم والمعرفة منذ نعومة أظفاره، وواجه مصاعب الحياة لنيل العلم على أيدي علماء الدين في مسيرة شاقة حتى أنهى دراسته الدينية، وترك بصمته في الحياة السياسية منذ ستينيات القرن الماضي إلى أن أنهكته السنون فقدم استقالته الحزبية، ليفسح المجال أمام  الجيل الجديد.
حفظ ملا علي داري قصائد جميع الشعراء الكلاسيكيين الكرد عن  ظهر قلب، وغناها إنشاداً حتى أنفاسه الأخيرة، ومن هؤلاء: جزيري، وخاني، وفقه تيران، وماجن، ومينا، وسيابوش، وشيخ عبدالرحمن الآختبي، إضافة إلى جكرخوين، وتيريج.
تميز سيدا ملا علي بتواضعه  الكبير، وظلّ بابه مفتوحاً طوال حياته لمحبي ومتذوقي الشعر والأدب والفن، خاصة أصدقاء ابنه عبدالسلام داري، الذي انتهج مسيرة والده، ولم تفرغ زوادته الأدبية من العطاء حتى وهو على فراش المرض بإلقاء القصائد والأشعار وبثها مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
في وداع الملا علي داري، نقفل الباب على مكتبة كردية غنية، أجبرتها ظروف الحياة على ترك مسقط رأسه في كردستان تركيا إلى كردستان سوريا، ثم أرغمته ظروف الحرب إلى ترك مدينته القامشلي إلى مدينة دهوك في كردستان العراق، حيث وافته المنية هناك.
أتذكره وهو يزور جدي بانتظام عندما كان على فراش المرض، وكان واحداً ممن يسر لهم جدي-رحمهما الله- يذكره جدي بطرائفه ويسأله عن وضع كردستان وغير ذلك، وكان يتحدث بطريقة ملفتة، وكنت أصغي إليه. ثم لم تنقطع زياراته عن بيتنا، إذ صار يزور أبي وأعمامي حتى بعد رحيل جدي، كأحد أصدقاء الأسرة المخلصين، يستشيره أهلي ببعض شؤوننا كأحد أقرب المقربين.
رحيل الجد العزيز سيدايي ملا علي داري خسارة كبيرة لنا جميعاً، وليس لأسرته الوطنية وحدها فقط. رحمه الله وجعل مثواه جنان الخلد
تاريخ حياة ملا علي داري كما كتبها بنفسه:
هذه نبذه من تاريخ حياتي أنا علي بن محمد علي بن أسعد ابن شيخو ابن حسين ابن عيسى إلى هنا أعرف أجدادي فقط .
ولدت في قرية دارى في كردستان تركيا بتاريخ 1930 وعندما أصبحت في الثامنة من عمري ذهبت إلى المدرسة في القرية المذكورة درست فيها ثلاث سنوات وعندما نجحت إلى الصف الرابع تركت المدرسة، وبعدها انتقل أبي الى رحمته تعالى بقرية دارى. بقينا أنا وأخوتي، فذهبنا إلى سوريا- الى قرية كليجه- القريبة من مدينة عامودة.
وبعدها بدأت بالدراسة الدينية فدرست في قرية خالد عند الأستاذ ملا عبد الرزاق سنة واحدة وبعدها ذهبت الى قرية جولبستان”لأدرس على يدي” الأستاذ ملا اسماعيل ودرست عنده أيضاً سنة وبعدها ذهبت الى قرية مريشكى عند الأستاذ ملا محمود بزكوري ودرست عنده سنتين وبعدها ذهبت الى قرية آفكيرا عند الأستاذ ملا عبد الله القرطميني درست عنده خمس سنوات، وهكذا أكملت دراستي الدينية.
وبعد أن أكملت دراستي ذهبت الى قرية قاسمية وصرت إمام القرية. وفي سنة 1960 انتسبت الى حزب البارتي الديمقراطي الكردستاني في سوريا. آنذاك كان الحزب موحداً وبقيت مع الحزب الى 1965 وحين صار الانشقاق في الحزب- وتحول إلى-: يمين ويسار، بقيت أنا مع اليمين حتى 1972 وحينما انعقد مؤتمرنا بقرية قوتكي وحدث الاختلاف بيننا تركت العمل في الحزب.
في عام 1973عبرنا الحدود الى كردستان العراق أنا وإلياس رمكو وبعض الرفاق الآخرين وعقدنا مؤتمرا هناك وعلى أثره تم تشكيل الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) ناضلت في الحزب حتى عام 1980حيث حدث الانشقاق في الحزب لذا انضممت إلى حزب الاتحاد الشعبي الكردي وبعد حدوث الانشقاق في الحزب بقيت مع حزب يكيتي الكردي جناح فؤاد عليكو حتى عام 2010 وبعدما كبرت في السن وثقل جسمي ولم أعد قادراً على القيام بالواجبات الحزبية قدمت استقالتي من الحزب الى هنا انتهى الكلام والسلام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…