الحركة السياسية الكردية بين الأمس واليوم.!

دهام حسن
عندما أتملّى تبصّرا وإمعانا في واقع الحركة السياسية الكردية في الوقت الراهن المعيش، وأستجلي مواطن الضعف والخلل والانحدار اليوم، وأقارنها بمواقف العزم والتضحية والنضال والمعتقلات حتى بالأمس القريب، مواقف السموّ والشموخ والرفعة، أجل عندما أستذكر كلّ هذا وأقارن بين الأمس واليوم يحضرني بيتان من الشعر لعمر أبي ريشة، ِحيث يقول:
أمّتي هل لكِ بين الأممِ …. منبرٌ للسيف أو للقلمِ
أتلقّاكِ وطرفي مطرقٌ ….  خجلاً من أمسك المنصرم
أكثر من أربعين حزبا غير فاعل اليوم، بعد أن كانت الحركة السياسية الكردية تنضوي تحت ثلاثة تيارات…
 أولا ما عرف بالتيار اليميني المهادن مع السلطة دوما وأبدا، ينحدر جلّ أفراده من الملاكين وأغنياء الريف، فضلا عمنْ لفّ لفّهم من مثقفين وآخرين انتهازيين، وهذا التيار قد تشظّى اليوم إلى مجموعة وحدات تحت مسميات شتى..
ثمّ التيار اليساري الذي غدا أعضاؤه  شيوعيين حتى أكثر من الشيوعيين أنفسهم، لكنهم ما لبثوا أن انشطروا هم أيضا فتبعثروا إلى تيارات عدة لفّت بعضا منها بدورها  الشبهات…
وأخيرا الحزب، أو الحركة الجماهيرية (البارزانية) التي غلب عليها الجانب العاطفي، فاستغلّ بعضهم ممن تبؤوا مواقع مسؤولة في الحزب أو الحركة، استغلوا (البارزانية) هذا الشعار دون مصداقية منهم، ولا منهج من حيث الفهم والإخلاص والوفاء، وكم أساؤوا لهذا النهج جرّاء مواقفهم الطفولية وسلوكهم غير البنّاء..
اليوم كما قلنا أكثر من أربعين حزبا، لأقول بالتالي تمخضت عن هذه الحركات الثلاث كل هذه التوائم المنغولية، وهذا ما يعنيه واقعيا هو تشتيت لأبناء شعبنا  سياسيا تحت مسميات عديدة لا يجمعها سوى ممولين بأيديهم زمام الأمور وبالتالي زمام الأحزاب، وهم لهذا ينفرون من التلاقي والتوحد لأنهم سيخسرون قسمتهم أو نصيبهم من الكعكة أي من العطاءات، والقيادي المستفيد يضيق ذرعا برفاقه ممن دونه، لأنه لا يرى فيه الرفيق المؤازر، بل المنافس لموقعه، فأمثال هؤلاء ينشدون حزبا ضعيفا طالما هذا الضعف يمكّنه من التواصل والاستمرارية والتحكّم والقدرة على الابتزاز، فاليوم لا ترى غير الجعجعة وعبارات التفاؤل دون قراءة موضوعية للواقع، ولا استشراف للمستقبل وهنا أقولها تأسفا شعرا في ذمّ المسؤولين الحاليين، مع اعتذاري من الأخوة الأعزة المناضلين الذين أعطوا دون أن يأخذوا، وبالتالي تركوا لنا أمثلة حية من التضحية وعزة النفس، أما الآخرون الذين سادوا اليوم مصادفة ومراوغة دون حقّ قلت فيهم ذمّا:
هؤلاء هم ساسة قومي يا سيدتي فأعينيني
وابكي معي وعليّ… وتخيّلي كيف تدار شؤوني..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….