المحامية: نجاح هوفك
أوضحت في مقال سابق أن حق تقرير المصير للشعوب وفق المواثيق الدولية و حقوق الإنسان و العهود الدولية وأن قرار إجراء الاستفتاء في إقليم كوردستان في 25 .9. 2017 هو حق مشروع للشعب الكوردي و أنه وسيلة سلمية ليقرر الشعب مصيره عبر الاقتراع العام. وبما إن الاستقلال هو حق مشروع ويقع ضمن الحقوق الاستراتيجية للشعوب ويحق له النضال من أجل الوصول اليه بكافة الوسائل السلمية و الغير سلمية إذا ما رفضت الانظمة الحاكمة مطلبه بالاستقلال وجابهته بالوسائل القمعية او لجأت للسلاح . و إذا ما استعرضنا طبيعة تعامل الانظمة الحاكمة للشعب الكوردي فإننا سنرى سلسلة طويلة جدا” من الاعتداءات على حريات الكورد من قتل ،تهجير ،إبادة ، محاولات محو الهوية للإنسان الكوردي و أماكنه من مدن وقرى تعريبا” و تفريسا”وتتريكا” ، ناهيك عن محاربة رزقه وسلبه أراضيه و التعامل معه ككائن من الدرجة الثانية.
وفي كوردستان العراق عانى الشعب الكوردي إضافة إلى ما ذكرته أعلاه أقسى أنواع التعذيب و الإبادة الجماعية / الانفال ، حلبجة/ و مع كل ذلك أثبت الشعب الكوردي التزامه بالاتفاقات مع الحكومة العراقية / الحكم الذاتي 1970/ والذي انتهكت بنوده من قبل الحكومة العراقية في 1975 .
وتكرر الأمر ذاته بعد حصول إقليم كوردستان على حقه بإدارة مناطقه في ظل نظام فدرالي إلا أنه لم ينج من التمييز والتفرقة. ففي استعراض للواقع القريب نجد أن الحكومة المركزية لم تف بالتزاماتها تجاه الإقليم و تجاهلت طلبه مرارا بدفع أجور الموظفين والبيشمركة وهذا ما يتعارض مع الدستور العراقي الذي نص في المادة (106):
تؤسس بقانون هيئة عامة لمراقبة تخصيص الواردات الاتحادية وتتكون الهيئة من خبراء الحكومة الاتحادية والأقاليم والمحافظات وممثلين عنها وتضطلع بالمسؤوليات الآتية:
أولا: التحقق من عدالة توزيع المنح والمساعدات والقروض الدولية بموجب استحقاق الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم.
ثانيا: التحقق من الاستخدام الأمثل للموارد المالية الاتحادية واقتسامها.
ثالثا: ضمان الشفافية والعدالة عند تخصيص الأموال لحكومات الأاقاليم أو المحافظات غير المنتظمة في إقليم وفقا للنسب المقررة.
كما نصت المادة (121): الفقرة الثالثة :تخصص للأقاليم والمحافظات حصة عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الأخذ بعين الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.
ونجد الأمر ذاته في تجاهل اجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها علما أنها مثبتة في نص المادة (140):
أولاً: تتولى السلطة التنفيذية اتخاذ الخطوات اللازمة لاستكمال تنفيذ متطلبات المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية بكل فقراتها.
ثانياً: المسؤولية الملقاة على السلطة التنفيذية في الحكومة الانتقالية والمنصوص عليها في المادة (58) من قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية تمتد وتستمر إلى السلطة التنفيذية المنتخبة بموجب هذا الدستورعلى أن تنجز كاملة (التطبيع، الإحصاء وتنتهي باستفتاء في كركوك والمناطق الاخرى المتنازع عليها لتحديد إرادة مواطنيها) في مدة أقصاها الحادي والثلاثون من شهر كانون الاول سنة ألفين وسبعة.
لذلك و في الظروف الراهنة والتي أثبتت فيها الحكومة الكوردية كفاءة نسبية في إدارة الإقليم طبعا مع بعض الاستثناءات والتي هي طبيعية إذا ما قورنت بالظروف التي يمر بها الإقليم والحرب الإرهابية التي يواجهها ضد داعش و العجز الاقتصادي الذي يمر به نتيجة عدم التزام الحكومة المركزية بدفع استحقاقات الإقليم المادية و سلبية تعامل الحكومة المركزية معه إضافة لإيوائه أكثر من مليون لاجئ من سوريا والعراق نجد أن استقلال الإقليم أصبح حلا استراتيجيا للمشاكل العالقة مع بغداد واحلال الاستقرار في المنطقة .
أما الخلافات الداخلية التي يراهن البعض عليها في فشل الاستقلال فهو أمر طبيعي في اية دولة وهي نتيجة طبيعية للصراعات السياسية و تدخل الدول المحيطة به نتيجة تناحرها و صراعاتها الطائفية. و استقلال الإقليم كفيل بوضع الحد لهذه التدخلات لان مصلحة الوطن فوق المصالح الحزبية والتي ستوضع لحماية الدولة وفي خدمتها ويبقى الاختلاف و المنافسة السياسية حالة صحية تمر بها كل الدول في العالم.