تقرير مصير ثقافي

يوسف بويحيى (أيت هادي المغرب)
من السخرية فهم العلاقة بين الوثيقة أو البيان و العنوان ، كما أنه من الصعب تحديد دافع إبرام الوثيقة و إستنباط الهدف من هذه المهزلة المكشوفة للعلن ، أعتقد أن محتوى الوثيقة الموقعة من طرف الأقليات السورية في تركيا لا تتضمن فكرة واحدة منطقية و واقعية ،بل كل النقط المتداولة ليست بجديدة عن الساحة السياسية ،في كل مسرحيات المؤتمرات المبرمة ضد الكورد ،لما لها من علاقة وطيدة بالأنظمة المستعمرة و الغاصبة ،إذ كيف يعقل أن تكون سوريا دولة تحت سيادة مستقلة واحدة في حين أنها  تحت حرب قواعد عسكرية مختلفة و متعددة و متعارضة جذريا فيما بينها ،كما أن نقطة علمنة سوريا بلهجة عقيمة بفصل الدين عن السياسة لأمر يجعلنا نتساءل عن مآل حقيقة الإسلاميين في الركوب على الثورة و الوصول إلى السلطة إلى يومنا هذا في سوريا.
إن الوثيقة المذكورة لا تعبر سوى عن أكاذيب واضحة سئمت منها كل الشعوب الثائرة من قبل (مصر ،تونس ،ليبيا ،المغرب…) و تركيا بنفسها قبل إنقلاب الإسلاميين (أردوغان) على النظام ،أفكار لا تعبر سوى على نوايا كل الإنتهازيين و الخونة و المتسلقين بسلم الشهداء الشرفاء للثورة.
هذه الوثيقة بمثابة عقد بيع سوريا و الكورد في مزاد علني في السوق السوداء التركية و الإيرانية و العربية… ،لأنها لا تحتوي على أي بند شريف يضمن الكرامة و الحرية و الإستقلال لسوريا و السوريين و الشرق الأوسط عامة.
حيث لا تختلف وثيقة تقرير المصير الثقافي الموقعة في تركيا مع وثيقة المجلس السوري الموقعة في روسيا الناصة (أي الوثيقة)  عن فدرلة سوريا إلا في المكان (روسيا ،تركيا) و الغاية واحدة.
إن كل الأشياء المنصوص عليها في كل الوثائق ذات الصلة بتركيا و إيران و روسيا و الخونة هي أوراق لا تحمل حلولا للأزمة بل فقط إخماد الثورة و إحوائها ،و لا تف بالغرض المنشود ،لما يطمح له السوريون البسطاء المضطهدين في كل بقاع العالم ،بل أكثر من هذا أن هذه المؤامرات المبرمة هي فقط خطط جبانة لإفشال إستقلال كوردستان ،و تجميد خطوة الإسثفتاء  لإقليم كوردستان سوريا مستقبلا ،كما هو الحال في تجربة العراق الناجحة حاليا.
إن القضية الكوردية هي قضية وطن و شعب بأكمله، ذات إحالة عسكرية لا يمكن فهمها إلا بمنطق البندقية و الرصاصة وصولا إلى الإستقلال الحر الذي يعتبر الحل الرئيسي للكورد ولا شيء آخر سوى الإستقلال. 
إن الوثيقة تعطينا قراءة نظرية إقصائية بٱعتبارها للكورد أقلية ،لا يحق لهم سوى أن ينصهروا بين كل مكونات الشعب السوري ،دون أي رأي أو موقف سياسي و ثقافي ذلك لكسر شوكة الكورد النضالية بطريقة تدريجية ،كما أن بنود الوثيقة تؤيد ولائها لمخططات “سايكس بيكو” الإستعمارية.
إن ما لا يعلمه الساسة السوريون أن سياسات معاهدة “سايكس بيكو” سقطت بدماء شهداء الكورد الأحرار ،وأن السياسة تختلف حسب المواقف ،لذلك فسياسة كوردستان ليست كسياسة سوريا النظامية ،و الكوردستاني هو سياسي بعقلية عسكرية قومية قبل أن يكون سياسيا.
إستقلال كوردستان يعني إستقلال الشعب الكوردي سياسيا و ثقافيا و تعليميا و إداريا و وطنيا و مؤسساتيا….بمعنى آخر لا نريد أن نبقى ملوثين ببقايا عربية و تركية و إيرانية…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…