إبراهيم اليوسف
جاءت الدعوة إلى الاستفتاء الشعبي الجماهيري على استقلال إقليم كردستان، لتحديد مصيره، في توقيته الدقيق، بعكس ما يريد بعض خصوم الاستقلال تصوير الأمر، باعتبارأن هؤلاء الخصوم- وما أوسع دائرتهم وقومياتهم ولغاتهم!- لايمكن أن يروا في دورة الزمن كله أي توقيت مناسب لكسرالكردي لقمقمه الذي أريد له أن يرزح فيه تحت كلكل الاضطهاد، ومحوالهوية، ليكون هذا القرارالتاريخي، رداً على هؤلاء الذين لم يتخذوا الموقف الصائب من حرية الكردي وتحررترابه من كل أشكال الهيمنة.
لايخفى على أحد أن قرارالدعوة إلى الاستفتاء، والذي تلا تجارب ومراحل جد صعبة وأليمة عانى منها الكردي، وكان من بينها فشل محاولات التعايش مع المركز بكل حقبه وتوصيفاته، بالرغم من أن كثيرين من الكرد-وربما أنا منهم- كنا نسجل على قيادات الإقليم منذ مرحلة مابعد سقوط صدام حسين2003، لم لم تضع الاستقلال، وضم المناطق المسلوخة من جسد كردستان والتي تسمى زوراً بالمناطق المتنازع عليها-لاسيما كركوك- إلى جسد الإقليم،
إذ راحت السياسة الكردستانية تجرب أشكال التعايش، وكان إقرارشكل العلاقة الاتحادي، الفيدرالي، هو المتخير، وكان فيه مصلحة كلا الشعبين، إلا أن هناك من رأى الحل الأنجع في استعادة دكتاتورية البعث بحق الإقليم، ومن بين ذلك حصاره اقتصادياً، وخلق الكثيرمن المشكلات له، في محاولة إضعافه، وإنهاكه، بل والتلويح بإعلان الحرب عليه، وغيرذلك عبر الممارسات و التصريحات الرخيصة التي أطلقت وكانت بالرغم من أنها ليست إلا أكثر من فقاعات سياسية- في حال ترجمتها- إلا أنها تنم عن كمية الحقد التي تهيمن على سايكولوجيا ودماغ الشوفيني أياً كان تصنيفه في متوالية التلون المكاني.
مؤكد أن هؤلاء المتضررين من الاستقلال- وهو في جوهره نواة الدولة الكردستانية الكبرى- أن يحركوا أدواتهم، ومن بينها الأداة الكردية أو الدينية أو المذهبية على مختلف ألوانها- مستميتين في خلق الكوابح، ووضع العقابيل، والعراقيل، بفلسفاتها القميئة، القبيحة، المتناقضة، المتوائمة مصيراً ومدعي انطلاقٍ، وهوما قد يتعدى الحرب الإعلامية الخفية والمعلنة لتصل إلى مهاوي ترجمة هذه الحرب الضغائنية، عبر الدم، والديناميت، والرصاص، وهو ديدن أمثال هؤلاء، حفدة القتلة والخيانات المفتوحة، أينما كانوا..!
حقيقة، إن موضوعة ملف الدعوة إلى الاستفتاء على الاستقلال المزمع تنفيذه خلال الأسابيع المقبلة، يعد امتحاناً قديماً جديداً لمواقف النخب السياسية والثقافية للدولة التي تقتسم كردستان إذ إننا بدأنا نلمس ذلك الحراك اللافت من قبل أوساط كثيرة، تتراوح مواقفها بين رافضة أو صامتة أو موافقة إن على مضض أو بشكل نهائي، إذ بات لدى الكردي كل الأوراق التي تفند إدعاء مفاهيم استيعاب حالته من لدن الآخر،بسبب فشل مشروع-الدولة الوطنية- في إنجازه، حتى في إطارالدولة التي أسقطت الصفة القومية في اسمها كما دولة العراق، أو إيران الآن، إذ لازال ينظرإلى الكردي من قبل جميع الأنظمة التي تقتسم كردستان من خلال بعدها القومي الذاتي الاستعلائي الذي أسقط منذ سقوط الدولة العثمانية آخر خيط واه للرباط بين الشعوب عامة، بعد أن نزعت تلك الدول نحو بناء دولها القومية واعتبارالكرد وجبات رهن الالتهام والمحو، وفق خطط زمنية قريبة المدى أو بعيدته..!
جريدة كردستان- العدد563