المثقف يتحدث عن الظاهرة ولا يتحدث عن الأسباب التي أنتجها – الجزء الثاني

 دلكش مرعي
 
أعتقد بأن من بين أهم الأسباب التي أدى إلى إخفاق المثقف الكردي هو عدم تمكنه من تشخيص العدو الحقيقي لهذا الشعب وخلق أعداء وهميين خارج المحيط الكردي كالأمبرالية والرأسمالية وفلسفة الصراع الطبقي وغيرهم علماً بأن هذه الأمور لم تكن لها أي علاقة بالتخلف الكردي تاريخيا فلماذا لم نكن إمبرياليين ورأسماليين بالرغم من الثروات الطبيعية الهائلة لكردستان؟ ولذلك أعتقد بأن العدو الحقيقي كان وما يزال قابع في البنية الفكرية والعقائدية التي تجمد الفكر الكردي وتعطله زد على ذلك العادات والتقاليد التي تكبل الحرية الشخصية من جهة وتنسف العلاقات الاجتماعية من الجهة الأخرى فلا يوجد في ثقافتنا قيم احترام إنسانية الإنسان وتقديسه واحترام حقوقه وصون كرامته وحريته بل بالعكس من ذلك هناك ثقافة الحقد والكراهية والصراع  فهناك على سبيل التوضيح قمع عاطفي ينسف العلاقة بين نصفي المجتمع وهي حاجة إنسانية يمكن تنظيمها وهناك استبداد ديني يخدر العقل زد على ذلك خلو تراثنا تماماً من الفكر العلمي التجريبي هذا العلم الذي أنتج كل هذا التطور الهائل والمذهل في عالمنا المعاصر .. 
فيمكن التأكيد بأن التخلف الفكري والقيمي لهذا الشعب هو الذي كان ينتج  على الدوام التخلف السياسي والسلوكي والحضاري تاريخياً ويستبد بالإنسان ذاته فنحن أسرى وعبيد وأرقاء لعاداتنا و وعقيدتنا وقيمنا المتخلفة التي تتحكم بكل توجهاتنا وتصرفاتنا وتفكيرنا فالتراث الكردي بقيمه المتخلف هو السلطة المهيمنة والمطلقة الممنوعة من الجدل والمسائلة فنحن نتصرف إزائه بمنطق التسليم والطاعة العمياء والدوران في فلكه وهو الدستور المقدس وأي خروج من قيم ومفاهيم هذا التراث الموبوء هو خروج عن المألوف وطعن في المحرم والمحظور فنحن كنا وما نزال ومنذ قرون ندور وندور في حلقته المفرغة …
والسؤال هنا هو لماذا استطاع بعض الأميين السياسيين من الهيمنة على الشارع الكردي عبر شعارات عاطفية جوفاء والبعض الآخر عبر أفكار عقائدية مستبدة ولماذا لم يهيمن المثقف وكان غائباً عن هذا الشارع ومستقلاً عنها يقبع في برجه العاجي ؟ ولماذا ظل نتاجه الفكري والأدبي والفني حبيساً ومحصوراً داخل الكتب ولم يتمكن من أن يفعّل هذا النتاج مع الشارع الكردي ولماذا لم يأخذ دوره الريادي في تنقية هذا التراث من قيم التخلف والتعفن الذي يعيد أنتاج علله ومآسيه منذ قرون  ؟ 
– يتبع –

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…