في مناسبة اليوبيل الذهبي للحركة الوطنية الكردية

  الديمقراطي *

في الرابع عشر من شهر حزيران عام 1957 وفي ظل الاجواء الديمقراطية التي كانت سائدة انذاك تأسس اول حزب سياسي كردي في سوريا على يد مجموعة من المواطنين الكرد بهدف تنظيم وحشد طاقات الشعب الكردي ليكون له دوره في الحياة السياسية السورية ولتوعية المواطنين الكرد في سوريا بانهم شركاء في الوطن وان لهم حقوقا قومية يجب اقرارها واحترامها مثلما ان لهم واجبات يؤدونها على اكمل وجه سواء في البناء او الدفاع عن الوطن مثلما حصل ايام العدوان الثلاثي وحشد القوات التركية على حدود سوريا الشمالية حيث شكل ابناء الشعب الكردي سدا منيعا في وجه هذه التحشدات .
ورغم صعوبة الاتصالات والمواصلات في سوريا انذاك فقد انتشر خبر تأسيس الحزب في كافة المناطق الكردية بسرعة قياسية والتف المواطنون الكرد حوله وانضموا الى  صفوفه ، مما جعل منه حزبا جماهيريا يحسب لدوره الحساب خاصة وان الحزب تبنى مطالب الجماهير ونادى بالتفاهم والتاخي بين جميع مكونات الشعب السوري وبالالتزام بالنضال والعمل من اجل الديمقراطية التي تحقق تطبيقها السليم حقوق الجميع على اساس المواطنة الحقة التي تنفي سياسة االتفرقة والتمييز بين المواطنين على اسس عرقية او دينية اومذهبية .
  خلال العام الاول من عمر الحزب الوليد وقع حدثان هامان اثرا تأثيرا كبيرا على مسيرته ،كان الحدث الاول قيام الوحدة بين سوريا ومصر عام1958 التي وقفت تركيا ضدها كعضو رئيسي في حلف السنتو ، اما الحدث الثاني فكان ثورة 14تموز التي وجهت ضربة موجعة للحلف المذكور الذي كان من اولى اهدافه تعاون اطرافه للحيلولة دون حصول الشعب الكردي على حقوقه القومية المشروعة ..

ففيما يتعلق بالحدث الاول لم يقف الحزب ضد الوحدة السورية المصرية من حيث المبدأ الا انه وقف ضد نهج قمع الحريات ومنع الاحزاب الذي مارسته سلطة الوحدة  ، اما فيما يخص الحدث الثاني فقد وقف الحزب دون تردد الى جانب ثورة 14تموز التي اقرت في المادة الثالثة من الدستور بشراكة العرب والكرد في الوطن .
وعلى خلفية مواقفه السياسية المعارضة لقمع الحريات الديمقراطية ، وتأييده لثورة 14تموز في العراق وعدم تجاوبه للتعاون مع حكومة الوحدة  للعمل في كردستان تركيا قبل الاقرار بالحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا ؛ نقول على خلفية هذه المواقف ، خاصة بعد ان توترت العلاقات بين الجمهورية العربية المتحدة والعراق ، اثر  فشل المحاولة الانقلابية التي قادها الشواف ، تعرض الحزب  لحملةاعتقالات واسعة عام 1960 ، شملت قيادة الحزب والعشرات من كوادره المتقدمة .
وفي السجن حصلت خلافات بين رفاق القيادة حول نهج الحزب وتقييم ما الت اليه الامور .

وبعد خروجهم من السجن ظلت هذه الخلافات قائمة وتعمقت بفعل العامل الكردستاني الى ان ادى الى انقسام الحزب الى جناحين عام1965 .


ومن تاريخه ورغم الجهود المخلصة التي بذلها الوطنيون الكرد ، بمن فيهم البارزاني الخالد الذي راعى المؤتمر التوحيدي1970 لم تستطع فصائل الحركة الوطنية الكردية توحيد صفوفها ، بل ازداد الشرخ عمقا واتساعا الى ان وصلت الامور الى ما هو عليه الان من حالة تشرذم غير مقبول .
اننا بهذه المناسبة التاريخية ، ندعو جميع فصائل الحركة الوطنية الكردية  للعمل بجد واخلاص من اجل تجاوز الانقسامات وفي سبيل توحيد الصفوف والمواقف والاتفاق حول برنامج ورؤية سياسية مشتركة لحل القضية الكردية في سوريا .
—-
* الجريدة المركزية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا / العدد 403/

لتنزيل صفحات العدد كاملا انقر هنا

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو لم تُكتب الحقوق يومًا على أوراق الهبات، ولا وُزّعت بعدلٍ على موائد الأقوياء. الحقوقُ لا تُوهب، بل تُنتزع. تُنتزع بالصوت، بالكلمة، بالفعل، وبالإيمان الذي لا يلين. نحنُ الكُرد، أبناء الجبال والريح، لم نكن يومًا طارئين على هذه الأرض، ولا عابرين في ليلِ الخرائط. نحن الأصل، نحن الجذر، نحن الذين إذا تحدّثوا عن النكبات كان لحنُها لغتنا،…

صلاح عمر   في كل مرة تلوح فيها تباشير الأمل في أفق القضية الكردية في كردستانسوريا، تظهر إلى العلن أصوات مأزومة، تأبى إلا أن تُعيدنا إلى الوراء، أصوات لا تُتقن سوى صناعة الضجيج في وجه أي محاولة صادقة للمّ شمل البيت الكردي الممزق. الحقد، يا سادة، ليس موقفًا سياسيًا، بل مرض نفسي. الحقود هو إنسان معتقل من الداخل، سجين قفصه…

اكرم حسين في الوقت الذي تشهد فيه الساحة الكردية السورية جُهوداً متقدمةً لتوحيد الصفوف من خلال عقد “كونفراس ” كردي جامع يضم مختلف القوى السياسية والمنظمات المدنية والفعاليات المجتمعية، بالتوازي مع الاتفاق المبرم في العاشر من آذار بين قائد قوات سوريا الديمقراطية وحكومة أحمد الشرع الانتقالية، تفاجأ المواطنون في مناطق “الإدارة الذاتية” بقرارٍ غيرِ مدروس ، يقضي برفع…

عزالدين ملا بعد ما يقارب عقد ونصف من الحرب والتشظي والخذلان، وبعد أن استُنزفت الجغرافيا وتفتتت الروح، سقط بشار الأسد كأنّه خريفٌ تأخر كثيراً عن موعده، تاركاً وراءه بلاداً تبدو كأنها خرجت للتو من كابوس طويل، تحمل آثار القصف على جدرانها، وآثار الصمت على وجوه ناسها. لم يكن هذا الرحيل مجرّد انتقال في السلطة، بل لحظة نادرة في…