حاوره ماجد ع محمد
انتهت الجولة السادسة من مباحثات جنيف من دون بحث أية سلة من السلال الأربعة التي أعلن عنها المبعوث الأممي إلى سوريا ستافان دي ميستورا، والمجلس الوطني الكردي اعترض على وثيقة الهيئة العليا للتفاوض وأعلن عدم إلتزامه بها، وإقليم كردستان العراق يتوجه بخطوات شبه ثابتة نحو الاستقلال بينما الاتحاد الديمقراطي يزيد شراسة وخناقاً على أعضاء وكواد المجلس الوطني الكردي، وميدانياً لا تزال تتوسع مناطق نفوذ نظام الأسد على حساب كل من قوات سوريا الديمقراطية وقوات المعارضة. فمن فضاءات ما قيل أعلاه، ومما تطرحه الوقائع الميدانية والسياسية من تساؤلات يومية كان لنا اللقاء التالي مع المهندس والكاتب زاغروس آمدي (حسين قادركو).
هل تتوقع بأن دي ميستورا يتقصد المماطلة في مباحثات جنيف؟ أم أن طرفي التفاوض غير جاهزين للتفاوض إلى هذه الساعة بالرغم من انعقاد ست جولات من مباحثات جنيف؟
مفاوضات جنيف مسرحية هزلية مبتذلة من عدة فصول لا أكثر. لأن هذا النظام غير قابل للتفاوض، فهو إما أن يبقى كما هو أو ينهار كليا، هذه هي طبيعة الأنظمة الدكتاتورية. ونتذكر جيداً أن هذا النظام كاد أن ينهار قبل تدخُّل روسيا، ومع ذلك لم يتفاوض. فهذه المفاوضات لن تقدم ولن تؤخر الأمور في شيء. ومفتاحي الحل ليسا في جنيف، وإنما واحد في جيب ترامب والآخر في جيب بوتين.
قوات سوريا الديمقراطية تسلم المناطق التي حررتها من داعش للنظام، والكتائب المسلحة تسلم بعض مناطقها تباعاً للنظام، فهل ترى بأن ثمة خارطة طريق غير معلنة تقوم بها الأمم المتحدة بشكل تدريجي والأطراف الأخرى مرغمين على التنازل؟
لا اتصور أن ثمة خارطة طريق تقوم الأمم المتحدة بتنفيذها، ولكن لا أستبعد وجود تفاهم ما بين واشنطن وموسكو في هذا الشأن، وقد يتبلور شكل هذا التفاهم بصورة أوضح مع ترامب في الأشهر المقبلة. أو ربما تحصل مفاجأت غير متوقعة تغير كل القراءة الحالية. فسورية ما زالت على كف عفريت.
هل برأيك سيكون لإعلان المجلس الوطني الكردي عدم إلتزامه بوثيقة الإطار التنفيذي للهيئة العليا للتفاوض دون التعديلات المقترحة من قبل المجلس آثار سلبية ما على العلاقة مع الائتلاف؟ أم العكس سيكون شريكاً واضحاً في أهدافه وبرنامجه من قبل المعارضة؟
الإئتلاف دون الوجود الكردي سيبدو هزيلاً أكثر، ولا أعتقد بظهور أي آثار سلبية على علاقة الطرفين ببعضهما. بالعكس سيكون كما ذكرت شريكاً واضحاً.
الحلف الإيراني بدا مكروهاً ومحاصراً سياسياً ليس من قبل أمريكا وحدها، إنما كذلك من قبل كبرى دول المنطقة، والسؤال متى يتخلص حزب الاتحاد الديرمقراطي من ربط مصيره بمصير طهران؟
عندما يتخلص من ربط مصيرة بقادة قنديل المحبطين، أو عندما ينهي العمال الكردستاني علاقته مع طهران. وعندها يفك الاتحاد الديمقراطي ارتباطه بطهران. لكن على ما يبدو أن لا فكاك من هذا النوع إلا إذا تعثر تنفيذ مشروع الهلال الشيعي وهو ما سيحصل أخيرا، فلا أمريكا ولا روسيا ستسمحان بزيادة النفوذ الإيراني في المنطقة ولن تسمحا بإكمال هذا المشروع.
أعيد سؤالاً كنتَ قد طرحته منذ فترة ألا وهو: مالذي دفع بحزب العمال الكردستاني بأن يتحول إلى أكبر عائق لتحرير كردستان بعد أن كان من أول من طالب باستقلالها وقدّم مئات الضحايا باسمها؟
الفشل المتكرر هو ما دفع بالعمال الكردستاني إلى التخلي عن شعار تحرير كردستان ولا سيما بعد إعتقال زعيم الحزب. وتحول من حركة كردية يسارية تحررية إلى حركة تغلب على سياساتها وتحالفاتها (مع النظامين الإيراني والسوري وبعض تيارات الشيعة العراقيين) الطابع المذهبي الديني، وبذلك تحول إلى عائق لتحرير كردستان، وبهذا أوقع هذا الحزب نفسه في ورطة خطيرة جدا، قد تؤدي إلى إنشقاقه مجدداً، ولكن هذه المرة سيكون الأمر مختلفا.
ما مدى استمرار المنجزات التي حققها حزب الاتحاد الديمقراطي في المناطق الكردية بسوريا بعد التغاضي أو التنسيق مع نظام الأسد؟
هي منجزات اقترنت بظروف معينة، وبمجرد تغيير تلك الظروف ستتغير طبيعة هذه المنجزات وربما تختفي كلياً. مالم يتم تدارك ذلك من قبل هذا الحزب بإعادة النظر بمنهجه وسلوكه، ولا أعتقد أن هذا الحزب لديه الكفاءة والقدرة وحتى النية لتدارك ذلك. لأن العقلية الدوغمائية لهذا الحزب في تعاطيه مع الواقع السياسي الكردي هي العقلية الطاغيىة.
وإذا كانت النهايات تحددها البدايات، فإن البدايات هنا هي بدايات خطأ، لذلك لن تكون النهايات نهايات سارة أبدا.
قلتَ بأن العقل المؤدلج لا ينتج إلا الإستبداد، ولايستغني عن العنف لأن دوام وجوده مرهون بالعنف، فهل يعني ذلك بأن ممارسات حزب الاتحاد الديمقراطية هي جزء من تفكيره البنيوي وليس ثمة من يحرضه على تلك الممارسات؟
أغلب ممارساته نتيجة تعاطيه الصلب بفعل بنيانه الفكري الأحادي والإقصائي وعلاقته العضوية بالعمال الكردستاني. ولا يخلو الأمر من ممارسات معينة تتم استجابة للنظام بحسب ما يبدو أنه إتفاق ما بين العمال الكردستاتي والنظام السوري.
ما الذي دعاك للتصور بأن ابتعاد تركيا عن أوروبا ليس لصالح الكرد؟ بل واستخففت بالذين يُهللون للخلافات التركية الأوروبية نكاية بأردوغان؟
ابتعاد تركيا عن أوروبا يحررها من إلتزاماتها الديمقراطية وخاصة فيما يتعلق بحقوق الأقليات وحقوق الإنسان المبرمة بين الطرفين وهذا لايصب في مصلحة كرد تركيا. وإذا تقربت تركيا من روسيا والصين وهذا محتمل جدا، خاصة بعد الإتفاق على إعادة إحياء طريق الحرير القديم، مما سيعزز علاقات تركيا مع الصين ودول القفقاز ذو الاصول التركية والأقرب للدكتاتورية. وبذلك سيخف جدا دور الضغط الاوروبي على تركيا في مجال الحقوق والحريات.
لماذا برأيك يقبل الاتحاد الديمقراطي بكل الفصائل والكتائب العسكرية مهما كانت صفتها وصنعتها وسمعتها ومستعد للتعامل معها، بينما يرفض وبشكلٍ قاطع دخول قوات البيشمركة إلى مناطقها؟
السبب هو الخوف من إنقلاب في ميزان القوى، الخوف من تضاعف عدد البيشمركة خلال أشهر، من خمسة آلاف إلى خمسين ألف مثلاً أو ربما أكثر، الخوف من هروب الكثير من عناصر الوحدات إلى صفوف البيشمركة. الخوف من تمتع المجلس الوطني الكردي بقوة عسكرية، وهذا سيؤدي إلى ضعف سلطتهم وفقدان تحكمهم المطلق بالقرار السياسي الكردي السوري، طبعا من نافل القول هنا أن هذا الحزب متفق تماماً في هذا الموضوع مع قنديل والنظام.
لماذا يا ترى كلّما تقدم اقليم كردستان بخطوات جادة نحو الاستقلال زاد الاتحاد الديمقراطي من خناقه على قادة وكوادر المجلس الوطني الكردي؟
لأن كوادر المجلس الوطني الكردي هم الممثلون الأكثر قبولا وشعبية ويشكلون خطر على سلطة حزب الإتحاد الديمقراطي التعسفية، ولا شك فإن استقلال الأقليم سيعزز ويقوي أكثر من مكانة هذه الكوادر الوطنية. لذلك تسعى سلطة الأمر الواقع تحت تأثير الهوس التسلطي النيل من هذه الكوادر من دون أي اسباب.
سؤال أخير من أين لكما الجرأة أنت والدكتور فرهاد بيربال على التصريح العلني بعدم أسفكما على رحيل نوشيروان مصطفى الذي كان بمثابة حجر عثرة في إقليم كردستان؟
من بين الحتميات التي تتحكم بالعقل حتميات اجتماعية نشأت ثم ترسخت بفعل العادة بالعقل، حتى أصبحت جزءا من تكوين العقل المجتمعي الجمعي. كعادة حرمة الميت مثلا. وعندما يتمكن العقل من تحرير نفسه من تأثير هذه الحتميات من بيئية واجتماعية ونفسية وغيرها تتغير نظرته إلى الأشياء ويبدأ يفسر الظواهر المختلفة والمفاهيم بشكل مختلف عن الثقافة السائدة، لذا قد تبدو بعض سلوكياته وآرائه مدانة ومستهجنة من قبل المجتمع لأنها خارجة عن المألوف. كما يحصل أحيانا للدكتور بيربال.
وعندما أعلنت رأي في نوشيروان مصطفى بأسلوب مجازي، لم يكن ذلك من قبيل إهانة الميت أو تحقيره أو ما شابه كما قد يعتقد البعض، وإنما كل ما في الأمر أني قدمت حكم ملكة الفهم العقلية خاصتي على قوة العادة، في شخصية اشتغلت في مصير الناس، وبما أنني واحد من هؤلاء الناس الذين اشتغل هذا الشخص على تقرير مصيره حسب رؤيته، فمن البديهي أن يكون لدي الحق قي إبداء رأي بسياسة وممارسات هذا الشخص حياً كان أو ميتاً لا فرق.