هل القصف التركي على الكورد وحدهم؟

جان كورد
كلما فتح زعيم من زعماء المعارضة فمه ليتحدث عن الكورد “الإنفصاليين!”، و”عملاء إسرائيل!” و”الخارجين عن الدين!” لابد وأن يرضي شهية حزب العدالة والتنمية في تركيا التي لن تخمد إلا بالقضاء على “آخر إرهابي!”، وآخر إرهابي في نظر الحزب ورئيسه هو كل كوردي، حتى من سكان المريخ ومن مواليد منطقة الأسكيمو، طالما يطالب بإدارة كوردية، ولو كانت تلك الإدارة أصغر من حانوت اسكافي في بلدٍ تعيس مثل سوريا. 
زعماء المعارضة السورية لا يختلفون في كثيرٍ عن رجالات ونساء الملعب السياسي في العراق العربي من أمثال نوري المالكي ومغنية الألحان الطائفية الشجية حنان الفلتانة، في نفث النار باتجاه الكورد، ولكن إرضاءً لإيران وليس تركيا كما يفعل السوريون، وهذه النظرة سخيفة حقاً تلك التي يبديها هؤلاء تجاه قضية أمةٍ تعرضت للتقسيم والتجزئة بأيدي المستعمرين، ويزعم زعماء سوريا الاستانبوليون والعراقيون من أتباع آيات الله أنهم ضد الاستعمار ومع حرية الشعوب والأمم، مع حق تقرير المصير، مع الديموقراطية وتآخي الشعوب… 
لا أقول معظم المعارضين السوريين والحاكمين العراقيين صفقوا بالتأكيد للقصف التركي لأن الذين قتلوا بنتيجته “أكراد”، وإنما أقول: فئة كبيرة منهم تقف مع تركيا وإيران والإرهابيين في سوريا والعراق، طالما القضية تتعلق بالكورد، وهذه الفئة سعيدة بالطبع لأن تركيا تقوم بالنيابة عنهم مثلما قام الإرهابيون بالهجوم على “شنكال” و”كوباني” بالنيابة عن كثير من العروبيين من قبل. وهذا مصدره الحقد القومي الذي نرى منه صوراً جلية كل يوم في تصريحاتهم وفي مواقع التواصل الاجتماعي كل ساعة. 
وهنا يتناسى أعداء الكورد وكوردستان أن القصف التركي حدث ويحدث في دولتين عربيتين هما العراق وسوريا، حيث لا يعترف العنصريون بأي سلطة كوردية فيهما، ويحلمون باستمرار أن يأتي غاصب أو قوة أجنبية لتقضي على قوى الكورد وتسلبهم أسلحتهم وتدمر ما بنوه بدمائهم ومن خلال كفاحٍ طويل الأمد.
فكيف يمكن للعرب أن يقبلوا بقصف تركي أو إيراني على مناطق ومواقع في بلادهم أو يسكتوا عنه ويفرحوا له، إن كانت هذه البلاد حقاً بلادهم وهذه الأرض أرضهم! 
إن ما يظهره البعض من حبٍ واحترامٍ وشكرٍ للحكومة التركية التي تقصف الكورد وتقتلهم سيؤدي بالطبع إلى رد فعل من قبل الشباب الكوردي في كل مكان، وها هم بالآلاف يعلنون عن خروجهم من الدين الذي جاءهم عن طريق العرب، وكرههم للأسياد العرب وتمردهم على القادة الكورد العاملين فعلاً وحقاً من أجل الحياة المشتركة معهم ومع والمكونات الأخرى في العراق وسوريا.
فهل يلجم زعماء المعارضة السوريين المتخمين في إستانبول وموالي إيران في العراق عواطفهم ويكبتوا حقدهم الدفين تجاه هذا الشعب الذي كان ولا يزال ضحية سايكس – بيكو وما جاء بعد تلك المعاهدة الخبيثة من حكومات عنصرية، عربية وفارسية وتركية، فإن لم يقم الزعماء بما هو واجبهم، فإنهم يتركون شبابهم ينزلقون إلى هاوية التمييز المتخلف مثلهم وإلى كره الآخرين وإثارة العداوة ضد الكورد على وجه الخصوص، ثم سيتحملون نتيجة عدم قيامهم بواجبهم الإنساني والوطني.
فإذا كانت “شنكال” و”قره جوك” و”قنديل” وسائر كوردستان الجنوبي والغربي أجزاءً من بلادكم أيها العنصريون، فلماذا تسكتون على القصف التركي الذي ينال الأرض التي تزعمون أنها أملاك آبائكم وأجدادكم الذين نعلم بأنهم جاؤوا من نجد وحضرموت وسبأ وليس من سلسلة زاغروس وجودي وآغري، موطن الكورد منذ فجر التاريخ؟ 
فماذا يقول نجباء سوريا الذين يدعون أنهم مكافحون من أجل حرية الشعوب والأوطان والتآخي والحقوق؟ أم أن الكورد مستثنون من كل خير وعمل وحتى دعاء؟
‏26‏ نيسان‏، 2017

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…