الحركة السياسية الكردية والواقع الحزبي المزري..!

دهام حسن
بداية علينا أن نعي من أن هذا التخبط في الحركة السياسية الكردية ناجم بالأساس عن التخلف الاجتماعي، وأن هشاشة الحركة تعود إلى تخلف المجتمع الكردي وعدم تماسكه، وما يتفاعل في داخلها من تنابذ وصراعات تتمظهر بأشكال عديدة مختلفة، فضلا عن الواقع الطبقي، (ففي القصور يفكرون بخلاف ما يفكرون في الأكواخ) بتعبير أحدهم..
ففي حال الفقر والبؤس والجوع غالبا ما يفقد المرء البوصلة السياسية، وربما فقد المشاعر الأخلاقية، وربما دفعته الحالة بالتالي نحو الكوسموبوليتية، فيشعر المرء أن مؤسسات الدولة ليس له الحق المشاركة فيها، وبالتالي تأخذه حالة سلبية من تلك المؤسسات طالما غير فاعل فيها، فترى الدولة وكأنها ملك لأشخاص محددين، لهذا ربما دفعته الحالة الإذعان والاستسلام دون إيمان منه بقدرة الإنسان على المواجهة والتغيير.. فالمنتفعون يفكرون بخلاف ما يفكر المعانون..!
في الأحزاب القومية الكردية تجد السكرتير هو كل شيء، والحزب بغيابه لاشيء، حيث ترى الأمعة يتقاطرون عليه ينشدون رضاه، والمحظوظ من هؤلاء المتهافتين من يربت السكرتير على كتفه ليقول له : (أشهد بالله أنك غلام زين)
يرى فولتير وسواه وجوب إعطاء الأفضلية للعلم على السياسة، وللنخبة المثقفة على الطبقة الحاكمة والسياسي المسؤول، هناك فارق كبير في موقعه بين من يرفعه انتهازيون، آو من يرفعه الشعب، ففي الحالة الأخيرة يكون لديه فرص كبيرة للمحافظة على سلطته كما يرى ميكافيللي حيث يرى أيضا من أن الطغاة الذين يستولون على السلطة بالعنف يصبحون خطيرين، على الشعب المحكوم وإذا ما اعترض على هذا الواقع فكر ما.. لكن ما يؤسف له أن السياسة أقوى من الفكر، فهي تمتلك القوة والمال والقرار والسلاح.. لهذا ترى أن مؤسسات الدولة بمختلف أشكالها، تحبس الفكر في أطر تابعة للسلطة لخدمة القيادات وإدامة سيطرة القادة..
هل يمكن أن تنشد من أحد هؤلاء العباقرة كلمة حق فيه مصلحة الواقع إلا بأفضلية واقعه الحزبي الضيق.! أحدهم أمس الأول عدد الأحزاب فجاء باسم ثلاثين حزبا، وكان بجانبي خبير بالواقع، قال العدد يتجاوز ذلك بكثير..
هؤلاء هم ساسة قومي يا سيدتي فأعينيني
فابكي معي وعليّ… وتخيلي كيف تدار شؤوني..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…