م.رشيد
قال الرئيس البارزاني في مقابلته مع الصحيفة الألمانية Allgemeine Frankfurter Zeitung :(إن الدولة المركزية في سوريا أصبحت جزءاً من الماضي)، هذه القراءة صحيحة لأن سوريا جريحة ومقسمة عملياً بفعل الأزمة المستمرة، وأسباب افتعالها ما زالت قائمة، وكي تتحول إلى كيان جديد تحتاج إلى إجراءات وعمليات كثيرة (ومنصات ومؤتمرات ومفاوضات ولقاءات وورشات….)، ستستغرق أشهراً عديدة حتى تتخذ الشكل النهائي المقرر، فقد بات صعباً إن لم يكن مستحيلاً، حكم سوريا من قبل حزب واحد، أوعرق واحد أو مذهب واحد، بشمولية ومركزية تحتكر السلطة والثروة، في ظل التعددية الاثنية والطائفية والثقافية، التي أصبحت أكثر تمايزاً وتبلوراً في ظل الأزمة الحالية.
والجغرافيا السياسية المرسومة حالياً جلية وواقعة بمعالمها وملامحها، لكنها لم تأخذ طابعها الرسمي المعتمد بعد، فما زال الشد والجذب بين مختلف أطراف الصراع قائماً، فتقاسم مناطق النفوذ بين الدول العظمى لم تكتمل بسبب الاختلاف على حدودها وشكلها وطبيعتها، فواشنطن تعارض المقترح الروسي(مسودة الدستور) بإقامة سوريا المفيدة شبه المركزية مع منح صلاحيات إدارية للأطراف تحت اسم “جمعية المناطق”، لأن المشروع الأمريكي قائم على تقسيم سوريا إلى دويلات فدرالية على غرار العراق، ومن جهة أخرى، فالتنافس حاد وجاد بين المحاور الإقليمية (السنية – الشيعية)، فإيران بحكم وجودها العسكري والاقتصادي في سوريا، تحاول إكمال الهلال الشيعي مشروعها الاستراتيجي، والعرب والأتراك السنة من خلال دعمهم للمجاميع الاسلامية المسلحة يهدفون إلى تثبيت مفهوم الأغلبية العربية – السنية في الاسم والحكم.. تحت شعار وحدة سوريا أرضاً وشعباً..مستفيدةً من المحاولة الروسية لإنهاء النفوذ الإيراني لضمان أهدافها الإستراتيجية، واستمرارالتفاهم الميداني مع أمريكا.
بغض النظر عن الاختلاف في الأجندات والمصالح بين السنة والشيعة فإنها تعادي تطلعات الشعب السوري عامةً والكردي خاصةً بإقامة نظام ديمقراطي علماني اتحادي (مطلب الكورد بمختلف توجهاتهم) يراعي التعددية ويحقق العدالة والمساواة، ويؤمن حقوق جميع المكونات ويحترم خصوصياتها ..
هذا على الصعيد الموضوعي، حيث هو الفاعل على الأرض والمحرك للأحداث والمحدد للخيارات والمسارات وفقاً لمصالح الأطراف الدولية والإقليمية .. في ظل غياب المشروع الوطني- الديمقراطي المحكوم والمسلوب من قبل الراديكاليين (القوميين الشوفينيين والإسلامويين التكفيريين) الذين راهنوا على قوى الإرهاب المتمثلة بداعش وأخواتها والنصرة ومثيلاتها، وربطوا مصير البلاد والعباد بها، نحو الظلام والمجهول..
ويبقى الكورد بحكم حضورهم الجغرافي والديموغرافي، كقضية قومية وطنية، جزءاً أساسياً من المسائل، تسعى كل الأطراف لاستمالتهم واستثمارهم لرفع أسهمهم وزيادة أرصدتهم في المفاوضات والصفقات، لذلك نجد الشقاق والخصام نافذين في البيت الكردي، الذي يتطلب توحيده صفاً وخطاباً، ليكون مستقلاً وفاعلاً ومؤثراً بشكل إيجابي في شكل وتكوين المولود الجديد ..الذي لم تكتمل بعد سلسلة الـDNA المحددة لخصائصه وصفاته، والتي ما زالت قيد النقاش والتفاوض والتنافس.
————- انتهت —————