فارس شمسي
لطالما اعتقد الكثيرون أن أي عمل عسكري أمريكي أحادي الجانب أو بالتعاون مع حلفاءها تحتاج الى قرار أممي بغض النظر عن العمليات السابقة التي حدثت في ليبيا او العراق ويستشهدون ببروز القوة الروسية وهيمنتها على الساحة السورية وقد تكون حجتهم هذه دعمت بالتلكؤ أو الاهمال الامريكي المتعمد لما حصل في سوريا خلال سنوات الست السابقة من حكم باراك أوباما للبيت الأبيض الذي كان هدفه الاستراتيجي الخروج من البيت الابيض باتفاق نووي مع إيران يدون له كسبق وانجاز تاريخي كرئيس امريكي .
ولكن بات جليا وواضحا بعد الضربة الامريكية المحدودة أن أمريكا ما تزال هي قائدة العالم بلا منازع وان قراراتها بعد حسم النية لا تحتاج لا لموافقة مجلس الأمن أو التحجج بموافقة الكونغرس ولا أخذ هيبة روسيا بالاعتبار إذا تعلقت المسألة بالمصالح الأمريكية ، فالولايات المتحدة تمضي دوما وعبر حلفاءها بتنفيذ استراتيجياتها ومصالحها وفق التفاهمات بينها وهي في هذا تبعث برسالة واضحة لأصحاب مقولات المقاومة والممانعة الذين بشروا بولادة عصر جديد مع بزوغ قوة الدب الروسي بانتهاء عالم احادي القطب وهذه الرسالة مفادها بأن ثمة خطوط لا يمكن ان تتجاوز وأن عهد العجز الأمريكي من خلال الإدارة السابقة للبيت الأبيض قد انتهت .
ولعل البعض يرجع أسباب الضربة الأمريكية لعوامل داخلية وما يتعرض له الرئيس ترامب من ضغوطات حتى على مستوى الاعضاء الجمهوريين في الكونغرس وانخفاض شعبيته وفق الاستطلاعات الأخيرة إلى 35 بالمئة وهي نسبة غير مسبوقة لرئيس أمريكي خلال الفترة الأولى من حكمه وبالتالي أراد أن خلال هذه الضربة أن ينأى عن نفسه مقولات اللين والتساهل أو التعاون مع روسيا وبوتين ، ويضاف إلى ما سبق أن العديد من المحللين يرجعون الضربة إلى عدم السماح لنظام الأسد وحلفاءه باستغلال التصريحات الأمريكية خلال الأيام السابقة والتي عبرت من خلالها عن عدم اهتمامها بمسألة بقاء الأسد أو رحيله وإنما التركيز على كيفية القضاء على داعش والتي يبدو قرأته دمشق وحلفاؤها خاطئا على أنه امتداد للساسة الأمريكية السابقة وتوقيع على شيك أبيض يطلق يدها كيفما تشاء من استخدام صنوف الأسلحة الثقيلة وحتى المحرمة دوليا .
ومهما تعددت الأسباب والعوامل حول مبررات الضربة الأمريكية إلا أنها تبدو تؤشر إلى بداية تغيير ما في التعاطي الأمريكي السابق مع المسألة السورية وبانتظار النتائج التي ستتمخض عن هذه الضربة وانعكاسها سياسيا وعلى جولات المباحثات في جنيف وغيرها .