جنيف 5 وحصاد سوريا المر

افتتاحية صحيفة ” كوردستان”
أرقام جلسات جنيف تتوالى تباعاً من جولة لأخرى، وكذا أرقام الضحايا والشهداء والمغيّبين في معتقلات النظام وبعض الفصائل التي تشبهه في الإرهاب تتوالى، ويدخل السوريون في عام سابع جديد مليء بالأسى والجراح، وماتزال النكبة السورية مستمرة، والآمال عالقة على اكتشاف حل سحري يرضي جميع الأطراف، ويوقف سيول دماء السوريين وسط تردد جميع الأطراف في إيجاد هذا الحل، ورغم تنشُّط المجتمع الدولي إلا أن النية الجدية في إطفاء هذا البركان لم تتوفر بعد.
فالنظام السوري مازال قوياً بفضل “حلفائه الحقيقيين” الذين قرروا مؤازرته حتى النهاية، بينما انفضّ عقد ” أصدقاء سوريا” حتى لم نعد نسمع بهم، ولهذا يأتي النظام للمشاركة في هذه المفاوضات من عقلية التسلط، والتبجح بالنصر، وقطع”دابر الإرهاب” والمعارضة تدخل في دوامة نزق النظام، وقدرته على تحوير وتدوير الافكار الجدية، واللعب عليها لتمييعها، وتهربه من الاستحقاقات التي قد تغيّب وجوده في مستقبل الوطن في قادمات الايام.
كردياً، منذ الـ.. جنيف الاول، الكرد مشاركون ضمن الهيئة العليا للتفاوض، أو الهيئات الاستشارية، ومشاركة المجلس الوطني الكردي فاعلة ضمن وفد المعارضة، ولكن ليس بورقة “كردية خالصة”
ماميّز الجولة الخامسة أن ممثلي المجلس الكردي قرروا تعليق حضور اجتماعات الهيئة العليا للمفاوضات، وعد الالتزام بالوثائق التي تصدر بغيابهم.
وقد لاقى هذا القرار ردوداً متباينة في الوسط الكردي، وفي أوساط عديدة، وسط اهتمام إعلامي كبير في هذه الخطوة.
وجاء هذا القرار إثر رفض الهيئة تسليم المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا مذكرة أعدها المجلس الكردي تطالب بإضافة حقوق الكرد كبند مستقل في الورقة التي سلمها دي ميستورا الى الوفود” المشاركة في الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف.
وكان الرفض من ممثلي هيئة التنسيق” الوطنية” التي تستخدم مطار دمشق في حضورها الاجتماعات الدولية بشأن سوريا!! ماحدا بالمجلس للتساؤل عن: مصداقية الهيئة والتزامها بوثائقها وبضمان الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا المستقبل بشكل دستوري.
عموماً..هذا الاحتجاج جاء في توقيته، وكان يجب القيام بخطوات كهذه قبل هذه الجولة، وعادة هكذا مواقف إن تم دراستها في توقيتها وإطلاقها، بشكل جيد، تجلب الفائدة، وتعدُّ ورقة ضغط على الجهة الأخرى للامتثال لمطلب الشريك.
على الكرد أن يعوا أن أمامهم- بالإضافة للنظام- معركة”دبلوماسية” طويلة أيضاً مع “بعض” العقل المعارض الذي يرى أن تحجيم تطلعات الكرد في كوردستان سوريا هو أكبر الإنجازات.
” كوردستان” العدد 557 – يوم 1-4-2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…