الصحافة الكردية وضريبة الدم

عمر كوجري 
خطت الصحافة الكردية خطوات متعثرة لقلة الاهتمام بها، رغم أن الكرد عرفوا الصحافة منذ عهد ليس بقريب، ولكن الحال تغيرت، وتحسن الاهتمام بها بعد انتفاضة جنوبي كوردستان عام 1991 والى الآن، وانعكس هذا على واقع الصحافة الكردية في باقي أجزاء كورستان، وكانت هذه المهنة المحفوفة بالمخاطر والصعاب رغبة الشجعان في الدخول بمعتركها، وخوض هذه المغامرة ” المجنونة” وبالفعل نجح القلائل، وانسحب من المشهد كثر طارئون على هذه المهنة خاصة ممن انتفت في نفوسهم روح الابداع، وقلة الحيلة والذين فرضوا على المشهد لا لإبداعهم وتفوقهم بل لمواقعهم الحزبية في قيادات بعض الأحزاب الكردية، وخاصة في كوردستان سوريا.
ولم يقتصر العمل في مهنة المتعة الروحية والمتاعب الكبرى على الرجال الكرد فقط، ومع تطور الصحافة من ورقية ومسموعة الى فضائيات كردية، وعلى وجه التخصيص في جنوبي كورستان، نافست المرأة الكردية الرجل، ففي جنوبي كوردستان دخلت زميلات عزيزات هذا الميدان، ومع توحش داعش الارهابي في العراق ولاحقاً في كوردستان، شاهدنا زميلات شجعات في قلب المعارك لوضع الحقائق وانتصارات البيشمركة، وتصوير هزيمة داعش في أكثر من موقعة، وكان هذا مثار فخرنا نحن الصحفيين الكرد في كل مكان.
وقبل أيام خطت زميلة صحفية صفحة الاعلام الكردي بزهر الدم، وأبت إلا أن توجع قلوبنا وهي الشهيدة شيفا كةردي مديرة إنتاج البرامج وموفدة فضائية رووداو الكردية إلى الموصل أثناء تحريرها قطاعات واسعة منها من رجس تنظيم داعش الارهابي، والتي لقي صدى استشهادها مستوى عالمياً، وعزت باستشهادها الكثير من إدارات ورموز القنوات الإعلامية العالمية، والمؤسسات الدبلوماسية، والوسط السياسي في عموم كوردستان.
 ورغم أن الشهيدة لم تقضِ أثناء اشتباك مسلح بين قوتين عسكريتين (الجيش العراقي وداعش)  بل بقنبلة ناسفة هي وستة من عناصر الجيش العراقي، وجرح زميلنا يونس مصطفى جروحاً بليغة في طريقها للتعافي، ورغم أنها كانت ترتدي اللباس الميداني الذي يحمي الإعلاميين أثناء المعارك، إلا أن السؤال المهني يطرح نفسه بقوة وهو: لماذا كتب على الإعلامي الكردي أن يقضي شهيداً في غالب الأحيان إما في معتقلات الأنظمة التي غيبته  طويلاً في السجون، أو في المهاجر، أو أثناء نقل الحقيقة للناس، ولو كلف ذلك أرواح هؤلاء الزميلات والزملاء الأفاضل؟       
 وإلى متى سيفكر المهتمون بحياة الصحفي الكردي وخاصة في المناطق الساخنة التي تشهد الحروب والنزاعات كما في سوريا والعراق.
 فالصحفي عموماً، إنسان غير محارب، لا يحمل سلاحاً، ولا يقاتل إلا بمايكه وقلمه وصوته، وأحلامه في غد أفضل للناس، لهذا فكل الأطراف تريد إسكات صوته، وخرس قلمه، وزهق روحه، ومن هنا فالاندفاع وحب هذه المهنة الخطرة قد يكلف أحياناً حياة الزميل أو الزميلة الصحفية، وهذا مؤلم، وجارح في الوقت عينه.
 ومن الواجب أن يتسلح الصحفي الكردي بالتوعية ووسائل الحماية اللازمة لسلامة حياته، فنقل الحقيقة مهما كان عذباً وحلواً، ولكن من المتطلب تنبيه العاملين في حقل الصحافة الكردية الى المخاطر الجسيمة التي يمكن أن يصيبوا بها، والتي قد تواجههم أثناء القيام بمهامهم الصحفية، وكيفية تجنبها.  
زاوية ” العدسة ” كوردستان – 555

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس   إن حملة وحماة القومية النيرة والمبنية على المفاهيم الحضارية والتنويرية لا يمكن أن يكونوا دعاة إلغاء الآخر أو كراهيته. على العكس، فإن القومية المتناغمة مع مبادئ التنوير تتجسد في احترام التنوع والتعددية، وفي تبني سياسات تعزز حقوق الإنسان والمساواة. ما أشرت (هذا المقال هو بمثابة حوار ورد على ما أورده القارئ الكريم ‘سجاد تقي كاظم’ من…

لوركا بيراني   صرخة مسؤولية في لحظة فارقة. تمر منطقتنا بمرحلة تاريخية دقيقة ومعقدة يختلط فيها الألم الإنساني بالعجز الجماعي عن توفير حلول حقيقية لمعاناة النازحين والمهجرين قسراً من مناطقهم، وخاصة أهلنا الكورد الذين ذاقوا مرارة النزوح لمرات عدة منذ كارثة عفرين عام 2018 وحتى الأحداث الأخيرة التي طالت مناطق تل رفعت والشهباء والشيخ مقصود وغيرها. إن ما يجري…

المهندس باسل قس نصر الله ونعمٌ .. بأنني لم أقل أن كل شيء ممتاز وأن لا أحداً سيدخل حلب .. فكانوا هم أول من خَرَج ونعم .. بأنني كنتُ مستشاراً لمفتي سورية من ٢٠٠٦ حتى الغاء المنصب في عام ٢٠٢١ واستُبدل ذلك بلجان إفتاء في كل محافظة وهناك رئيس لجان افتاء لسائر المحافظات السورية. ونعم أخرى .. بأنني مسيحي وأكون…

إبراهيم اليوسف بعد الفضائح التي ارتكبها غير الطيب رجب أردوغان في احتلاله لعفرين- من أجل ديمومة كرسيه وليس لأجل مصلحة تركيا- واستعانته بقطاع طرق مرتزقة مجرمين يعيثون قتلاً وفسادًا في عفرين، حاول هذه المرة أن يعدل عن خطته السابقة. يبدو أن هناك ضوءًا أخضر من جهات دولية لتنفيذ المخطط وطرد إيران من سوريا، والإجهاز على حزب الله. لكن، وكل هذا…