كلمة المجلس الوطني الكوردي في الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين لرحيل البارزاني

الأخوات والأخوة الأعزاء 
ممثلي الأحزاب الشقيقة والصديقة
والمنظمات المجتمعية الشبابية منها والنسوية والحقوقية
الحضور الكريم
يمر علينا اليوم الذكرى السنوية الثامنة والثلاثين للقائد الأسطورة الملا مصطفى البارزاني الخالد, إنه أبا الكورد ورمز نضالهم الذي أيقظ أجيالاُ كوردية متعاقبة على هويتها القومية الكوردية.
تجلت عظمته من خلال جوانب من شخصيته المتسمة بروح المحبة والتسامح, وفكره القومي الكوردي في استراتيجية واسعة, لم يربط حقوق الشعب الكوردي والقضية الكوردية بأية اعتبارات إقليمية أو دولية سوى مصلحة الشعب الكوردي ومستقبله,
أما نضالاته في ملاحم بطولية بشجاعة لا يمكن وصفها, حيث دخل معترك النضال مساهماً في ثورة الشيخ محمود الحفيد وثورة الشيخ سعيد بيران وثورات بارزان في 1943م وكان له دور بارز في إعلان جمهورية مهاباد في 22/1/1946م وأسس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في 1946م والمسيرة التاريخية إلى اتحاد السوفيتي سابقاً سيراً على الأقدام ومترجلاً صهوة جواده شاقاً طريقه, وفي مقدمة الثوار بين الجيوش الإيرانية والعراقية والتركية, أما عودته التي شكلت منعطفاً تاريخياً لعموم شعب العراق والمنطقة’ حيث استقبل من قبل الرئيس العراقي عبدالكريم قاسم, وقاد ثورة أيلول المجيدة ضد الحكومات العراقية ونزع الاعتراف بالشعب الكوردي في اتفاقية آذار 1970م, كما تدخل من أجل توحيد الصف الكوردي في كوردستان سوريا داعياً إلى المؤتمر الوطني لمنع حدوث الانقسام في صفوف الحركة وما التفاف ابناء شعبنا في كوردستان سوريا حول هذا النهج بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها إلا ثمرة هذا النهج القديم .
لم يمارس اساليب الخطف والاغتيالات الذي كان سائداً في سلوك البعض من القوى الثورية آنذاك قبل أن يتم إدانة مثل هذه الأعمال في العالم المتحضر الآن, وكان يمارس الديمقراطية في عصر متسم بنظم المركزية المطلقة.
وكان يعزز قيم العيش المشترك بين المكونات القومية والدينية المختلفة في المجتمع الكوردستاني حيث كان يقاتل تحت قيادته الكوردي والعربي والآشوري والتركماني, الفلاح والاقطاعي, مطبقاً مبدأ العدالة الاجتماعية, والاهتمام بحقوق المرأة, فكانت السيدة ناهدة شيخ سلام عضوة اللجنة المركزية في البارتي في المؤتمر الثاني 1959م لايمانه بدور المرأة في النضال.
لم يكن زعيم حزب أو طائفة بل كان رمزاً وطنياً مشتركاً لا يقل عن أي قائد ممن خلدتهم شعوبهم في ذاكرتها الحية, لأنه استثنائي كونه يربط بين الرباعية شبه المستحيلة أي بين السياسة والدين وبين الشجاعة والحكمة من الصعوبة أن يجمع شخص بينها.
البارزاني الخالد هو من صنع التاريخ النضالي الحديث للشعب الكوردي وكان الملهم لانطلاقة الأحزاب السياسية الكوردية في كافة أرجاء كوردستان بل الملهم لنضال الحركة التحررية الكوردية في المجالات السياسية والمجتمعية, وارسى قواعد نضالية جعل من القضية الكوردية في الشرق الأوسط من قضية محلية إلى أحد أكبر القضايا في المنطقة .
خلق تراثاً قومياً نضالياً سمي بتراث البارزاني الخالد الذي أصبح نبراساً لكل وطني كوردي على دروب النضال سميت بمدرسة الكوردايتي مدرسة البارزاني الخالد في النضال والتضحية والإخلاص, نحميها بأنفسنا وأفئدتنا وندافع عنها بأرواحنا وجوارحنا ليس لإعلان شأنه لكن من أجل أنفسنا ونحتفظ بها لذاتنا واثبات صحة نضالنا من اجل قضيتنا وخير شعبنا واستعدادنا دوماً لروح التحدي والنضال وتحمل تبعاته من أجل خير شعبنا ووطننا.
فلم يدخل البارزاني الخالد مكاناً إلا وكان للكورد مصلحة في ذلك, وما خطا خطوة إلا وكان من أجل حرية الكورد, جل حياته وقفات عز وفخر لشعبه وللأجيال المتعاقبة.
إن السيد الرئيس مسعود البارزاني خير خلف لخير سلف يقود هذه المسيرة النضالية بأوجهها المتعددة بحكمة ودراية في حماية أرض كوردستان وشعبها وتثبيت قيم العيش المشترك بين مختلف القوميات والأديان, داعياً على الدوام بتجسيد القيم الإنسانة المثلى سواء في السلم أو الحرب, حيث يحظى بتقدير جميع رؤساء وحكومات العالم المتحضر, وغامل استقرار في المنطقة, كما بات ضمانة لحقوق شعبنا الكوردي في كافة أرجاء كوردستان.
إننا في المجلس الوطني الكوردي في الوقت الذي ندعوا إلى توحيد الصف الكوردي مستلهمين تراث البارزاني الخالد في العمل من أجل شعبنا وقضيته القومية, ومنفتحين على كافة أطراف المعارضة الوطنية السورية ومكوناته المختلفة قومية ودينية لما فيه خير شعبنا وبلدنا في سوريا إتحادية ذات نظام برلماني تعددي ديمقراطي لكل السوريين دون إقصاء أو تمييز.
ونجدد العهد والوفاء على مواصلة النضال على نهج البارزاني الخالد ونكمل ما بدأه حتى تحقيق الحقوق القومية للشعب الكوردي
تحية لذكرى الثامنة والثلاثين لرحيل البارزاني الخالد و ألف تحية لروحه الطاهرة وأرواح شهداء شعبنا وشهداء الحرية في كل مكان
1 / 3 / 2017 م
الأمانة العامة للمجلس الوطني الكوردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…