كردستان نحو الاستقلال

توفيق عبد المجيد
بول بريمر الحاكم المدني في العراق قالها في إحدى اللقاءات ” لا بديل عن البارزاني إلا البارزاني نفسه ، لأنه يستحق بجدارة قيادة الأمة الكردية السائرة لتحقيق حلم لطالما راود أفكار الكرد في غد ومستقبل أفضل لهم والذي صار قاب قوسين أو أدنى ” قول يفسّر الكثير من التساؤلات ، كما يخفي بين سطوره تفسيرات لأسئلة ملحة ومشروعة قد يسألها الإنسان الكردي ويجمعها في النهاية قاسم مشترك واحد ، وتلتقي جميع الإجابات في نقطة محورية واحدة ألا وهي ” الدولة الكردية ” الحلم والأمل والمطلب الحق ، هذا الكلام الذي يحوي الكثير من الأفكار الجديرة بالوقوف عندها وفكها وتحليلها للوصول إلى المقصد الذي لمّح إليه وهو نهاية التراجيديا الكردية ، للوصول إلى الهدف النهائي وهو الاستقلال وبناء الدولة الكردية .
ما قاله ” بول بريمر ” كان في العقد الأول من الألفية الثالثة ، ولم يكن تنبؤاً بل قراءة لمآلات الأحداث وتوجه الأمور بشكل ممنهج نحو خواتيمها الطبيعية ليكلل النضال الكردي عبر سلسلة من المخاضات الأليمة و تحقيق الحق الكردي ، وحديثاً أشار الباحث إيدي كوهين إلى نفس النتيجة الحتمية ” أن يعلن فخامة البارزاني الاستقلال لأن لا شيء يتغير … والفرصة متاحة الآن للإعلان عن استقلال كردستان … فلماذا تضييع الوقت ؟ ”  
وبعودة إلى مؤتمر ميونخ للأمن والحضور الفعّال الذي تجلى في تركيبة الوفد الكردي ، والاهتمام اللافت للنظر الذي حظي به الوفد الكردي ، والتعاطف والدعم الدولي للكرد كان الدافع للرئيس البرزاني ليقول : ” ” إن الحضور الفعّال لإقليم كوردستان في مؤتمر ميونخ للأمن، والحوارات الثنائية التي أجراها الوفد مع الزعماء والشخصيات العالمية البارزة حول وضع المنطقة ومستقبل إقليم كوردستان، أكد الثقل الكبير لكوردستان في المعادلات السياسية العالمية الهامة ” وبهذا الاهتمام الذي لمسه الوفد توجه البارزاني إلى فرنسا ليستقبل من قبل الرئيس هولاند استقبال الرؤساء ، ثم ليتوجه بعدها بهذه المعنويات العالية مدعوماً بدعم دولي ملحوظ إلى الجارة تركيا ليطلعهم على ما صمّم عليه ، ولا أعتقد أن يقف الجيران الأتراك عائقاً أمام إعلان الدولة الكردية ، فقد بدرت من مسؤوليهم تصريحات إيجابية مشجعة عبر عنها بوضوح السياسي التركي محمد زاهد غول ” تركيا ستكون أول دولة تعترف بكردستان إذا أعلنت “
تبقى المحطة الأخيرة التي لابد من التعريج عليها واطلاعها على ما صمّم عليه الكرد ، ولا رجعة عنه وهي بغداد حيث ستبدأ مرحلة المفاوضات والنقاشات لتحديد سقف زمني للعلاقة ” الجديدة ” مع بغداد للاستمرار في شراكة ” حقيقية ” فإذا لم يتم الاتفاق عليها سيبدأ الكرد بالخطوات العملية الممهدة للاستقلال ، ويختارونه مع الاحتفاظ بالجيرة الطيبة ، وهذا يعني إن وافقت بغداد أم لم توافق فالوضع ” الجديد” يسير بخطى ممنهجة نحو الاستقلال ، أما المالكي حامي المشروع الإيراني ، والقشة التي ستقصم ظهر العراق الشيعي ، والذي يستميت للوصول إلى السلطة ، فالكرد لن يكونوا بحاجة إلى أية مفاوضات مع المركز في حال عودته مرة أخرى ، لأن الرئيس البرزاني استبق عودته بقوله : ” سأعلن الاستقلال إذا عاد المالكي للحكم “
ختاماً : هذه التطورات والمستجدات والقراءات للأحداث تؤدي بنا إلى هذه النتيجة ” كردستان نحو الاستقلال القريب ” .
24/2/2017

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في اليوم الثاني من انتفاضة الشعب الكرديّ 12/3/2004م، ذلك اليوم الذي توحّدت فيها قواعد الأحزاب الكردية والمستقلين وجميع فئات الشعب الكردي ضدّ الظلم والعبودية، والتي انطلقت من ملعب قامشلي لكرة القدم بين فريقي الفتوّة والجهاد، وذهب ضحيتها بعض الشباب الكرد.. في ذلك اليوم 13/3/2004م قررت الجماهير الكردية مع أحزابها السياسية تشييع شهدائهم في مقبرة (قدور بك) بحشدٍ غفيرٍ، حيث تجمّعت…

د. محمود عباس تأملات في الزمن والموت ومأساة الوعي الإنساني. لا شيء يُجبر الإنسان على النظر في عيون الفناء، كما تفعل لحظة نادرة نقف فيها على تخوم الذات، لا لنحدّق إلى الغد الذي لا نعرفه، بل لننقّب فيما تبقى من الأمس الذي لم نفهمه. لحظة صمت داخلي، تتكثّف فيها كل تجاربنا، وتتحوّل فيها الحياة من سلسلة أيام إلى…

مروان سليمان من أهم القضايا الشائكة في المجتمعات الشرقية هو التطرف العنيف الذي يعمل بها أناس ليل نهار من أجل شق وحدة الصف و أنقسامات داخل المجتمع و إنعدام حقوق الإنسان و من هنا كان لزاماً على الطبقات المثقفة و التي تحمل هموم شعوبها أن تعمل من أجل الحوارات المجتمعية و تقديم المبادرات السلمية و تحافظ على حقوق…

بوتان زيباري   في دهاليز السلطة، حيث تتهامس الأقدار وتتصارع الإرادات، تُحاك خيوط اللعبة السياسية ببراعة الحكّاء الذي يعيد سرد المأساة ذاتها بلغة جديدة. تُشبه تركيا اليوم مسرحًا تراجيديًا تُعاد كتابة فصوله بأقلام القوة الغاشمة، حيث تُختزل الديمقراطية إلى مجرد ظلٍّ يلوح في خطابٍ مُزيّف، بينما تُحضَر في الخفاء عُدّة القمع بأدواتٍ قانونيةٍ مُتقَنة. إنها سردية قديمة جديدة، تتناسخ…