أحمــــــــد قاســــــم
نحن بأمس الحاجة إلى أصوات صادرة من أهل الحكمة والعقل الرصين, قد تدفعنا نحو بوابة الخروج من دائرة المحن والتشتت والإنقسام.
لكن ومع الأسف الشديد, نسمع بين الفينة والأخرى تتعالى أصوات من هنا أو هناك, تصدر ما هو الأقبح من جمل وتوصيفات تجاه بعضها هادفة من خلالها تأجيج الصراع بين أطراف الحركة الكوردية في سوريا.
من دون أدنى شك, أن الأحزاب الكوردية مخترقة في مجملها من قبل النظام في دمشق, هذا إن لم نقل إن الكثير منها من صنع الغرف المظلمة لإستخبارات النظام, وبالتالي, فإن وظيفة هؤلاء محصورة لفعل ما يمكن فعله من أجل زرع الفتنة وتفتيت ما يمكن تفتيته لهذه الحركة السياسية التي تتبنى قضية شعب مضطهد يسعى إلى الحرية.
كلما تصدر مبادرة خير من هنا, نسمع أصوات تصدر من هناك لتفريغ محتوى المبادرة.. وكلما تلتقي قيادة حزب مع قيادة حزب آخر, قد ينجم عنه بادرة خير, نسمع شتيمة من أحد أعضاء ذالك الحزب تجاه الحزب الآخر لإعادة تعكير الأجواء بين الحزبين, وكذلك على مستوى الأطر, نرى بأن جيوشاً من أهل الشتيمة وصناعة التهم تعمل ليل نهار خدمة للتشتيت والتفرقة بين أطراف الحركة السياسية…
لكن, الملفت الذي نستغربه هو أن قيادة الأحزاب نفسها لا تعير أي إهتمام لهذه الحرب المجنونة بين مؤيديه ومناصريه الذين يؤججون لهذا الصراع الغير ” النظيف.. ” والذي ينبع من ذوات النفوس المستسلمة لإرادة الغير, ولا يجلبون لهذه الحركة إلا السم القاتل. حيث أن التهم تُقْذَف جذافاً من دون أي حس بالمسؤولية تجاه المُسْتَهْدَف, وأن الغاية هي ضرب العلاقة المصيرية بين أحزاب الحركة الكوردية. وأن الذين يؤدون هذه الوظيفة هم وكأنهم محميون من أية محاسبة أو عقاب من قبل قياداتهم في أحزابهم, حتى وإن كانت التهم باطلة, وباينة للعيان أن الهدف منها تلويث للسمعة أو تخريب لعلاقة قد تتم من خلال لقاء بين طرفين. وبالتالي, فإن أزمة الثقة القائمة بين الأحزاب تتعمق يوماً بعد يوم, في الوقت الذي, أن الحركة السياسية الكوردية أحوج بكثير من أي وقت آخر إلى بناء الثقة ورمي كل الخلافات الماضية إلى الخلف, والعمل على ما هو الأحوج من أجل الغد.
أعتقد أن الأيادي الخفية التي تلعب بمصير حركتنا باتت واضحة, وأن المد الطولي الذي يساعد تلك الأيادي هو الآخر بات يعلن عن نفسه على أنه يساهم في تسهيل الحركة لتلك الأيادي التي تخرب وتهدم أية علاقة بين طرفين أو حزبين من أحزاب الحركة من خلال السكوت على الخطأ وإن كانت نتيجة الخطأ ” جريمة إلى حد الخيانة “. أعتقد أن السكوت عن هذه الحرب الكلامية ( والتي ليست لها أية علاقة بالوظيفة الإعلامية ) هو بحده جريمة وخيانة بحق الشعب الكوردي وحركته السياسية المناضلة.
من الأولى للأحزاب الكوردية التي تعتبر نفسها مسؤولة عن قضية شعبها, أن تنتبه لتلك العناصر التي تلعب بمصير هذه الحركة وتؤذي إليها من خلال دس السموم على أي لقاء, وبحنكة وذكاء, ظناً من حزبهم على أنهم مخلصين للحزب من خلال تشويه سمعة الحزب الآخر, وبالتالي قد يرتقون هؤلاء مراتب ومراكز أعلى إلى حد المشاركة في إستصدار القرارات المهمة والإستراتيجية, ما يعني وصولهم إلى دائرة ( المكتب السياسي ) في الحزب, وبالتالي, فسيكون من المحال أو الصعوبة جداً أن يلعب هذا الحزب دوراً مخلصاً للملمة الصفوف لطالما أن لولبة التعكير تلعب بخبث في دائرة قراراته. وهكذا يبدو أن غالبية الأحزاب إن لم نقل في مجمله مصابة بنوع من الفطريات الطفيلية التي إن لم تستطع الخلاص منها, فلا يمكن أن تُعاد الثقة بين أحزاب الحركة, وبالتالي فلا يمكن أن نبني مشروع شعب يتأمل أن نوصله إلى بر الأمان والحرية التي يتشوق إليها.
لذلك أقول: إن لم تحاربوا وتقمعوا تلك الأصوات التي تَصْدُر من غرف نتنة ومظلمة من بين صفوفكم أيها الأحزاب في الدرجة الأولى, وبين من يتظاهرون على أنهم حماة القضية من ” المثقفين والمستقلين وبقية فئات الشعب ” في الدرجة الثانية, فلا تستحقون أن تنالوا ثقة الشعب بكم, ولن تنتجوا إلا مزيداً من التشتت والإنقسام, وبالتالي ستنالون الهزيمة على أياديكم. فَكَمُ أصوات النشاذ, ونبذ كل ما هو يهدف إلى هدم البين بين صفوف الحركة من خلال إطلاق تهم تجاه هذا الحزب أو ذاك, وتجاه فلان من قيادة هذا الحزب أو ذاك, هو ضرورة نضالية لقطع الأيادي التي تلعب بمصير الحركة.. تلك الأيادي هي التي تلقت الدعم من النظام وتتلاقى بشكل مستمر لأداء وظيفة النظام, والتي تتلخص في ضرب وحدة شعبنا وحركته السياسية كما تلعب بمصير المكونات الأخرى من الشعب السوري خدمة لبقائه في السلطة .
———————
13/2/2017