التّغييب القسري.. ومَحُو إرادة شعب

عمر كوجري 
منذ أن تسلّم السلطة في “بعض” مناطق كوردستان سوريا من النظام السوري الذي آثر الانسحاب “الناعم” من المشهد ليتفرّغ للمناطق الأكثر سخونة في سوريا، وحزب الاتحاد الديمقراطي سلك “صراط” الدكتاتوريين الذين لا يملكون حجةً مقنعةً غير تغييب معارضيهم في غياهب معتقلاتهم، تعريضهم للأذى الجسدي والنفسي، وحرمان بعضهم حتى من الزيارات الدورية، والمعالجة الطبية، ويصمُّ هذا الحزب أذنه عن كل النّداءات والانتقادات التي تُوجّه له سواءَ من المنظمات الدولية ذات الشأن في مجال صون حقوق الإنسان أو القنوات الدبلوماسية التي ترى إفراط الحزب في استخدام القوة ضد معارضيه ضربة بالورقة الكردية في كوردستان سوريا ضمن المعطيات الحالية للأزمة السورية من أستانا إلى موسكو إلى جنيف مجدداً.
المثيرُ للاستهجانِ أنّ هذا الحزبَ “يمارس” السلطةَ بعقلٍ استبداديٍّ مغلق، يرى مخالفه في الرأي خصماً، وحتى عدواً يجبُ التخلّصُ منه، وإن تسنّتِ الفرصةُ لتصفيته فلن يتوانى، يعتقل بشكل غير قانوني الكوادر النشطة والمتقدمة من جموع أهلنا الصامدين داخل الوطن رغم الظروف القاهرة، ومن قيادات المجلس الكردي، ومن ألمع قيادات الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، ولا يهتم الحزب” إياه” أن ما يقوم به يندرج خارج نطاق القانون الذي لا يعترف به أصلاً، ولا يرفُّ له جفنٌ حين يداهم المنازل الآمنة، ويخطف الشباب والآباء أمام أعين صغارهم، 
وهو في اقترافه ذاك يتقصّد زرع البغضاء في قلوب جيلٍ كرديٍّ كاملٍ، ومن الصعب أن يتعافى منها بالسُّهولة المُرتجاة، جيل رأى أمامه كيف أنّ من المفترض أن يكون حاميه، صار “حراميه” وصار الأخ يلثّم وجهَهُ، ويحملُ سلاحاً فاتكاً، يلقّمُه في وجوه الصغار والنسوة إن تفوّهوا بكلام الرفض.
لا يؤمن هذا الحزب إلا بصوغ ثقافة الكره التي لم تجلب لشعبنا في كوردستان سوريا غير المزيد من الفُرقة والتشرذُم، وغياب جيل كامل من الشباب الكردي الذي آثر الهروب على الانشغال بحروبٍ عبثية في غالبها لم تمنح غير الوشاح الأسود على عيون أمهات الشهداء، ونافورة الدم التي ما فتئت تُضخُّ في غير مكانها، أو في المكان الغلط.
لا يؤمنُ بالتّشاركية، وإن أرداها فعلى مقاسه، ولهذا يدور حالياً في حلقه مفرغة من “ثلة” مريديه ومصفّقيه، وعدم قبوله الآخر سيجعل منه دكتاتوراً، ولكنْ بمقاسٍ صغير.
إنّها ثقافةُ الضعيف.. المهزوم، رغم كلّ العنجهية يتباهى بها. ثقافة الميت “السريري”
صحيفة” كوردستان- العدد 553 –  1-2-2017  زاوية  ” العدسة”
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…