ما هو الحزب السياسي..؟.!

دهام حسن
من خلال استئناسي لبضعة معاجم وقراءاتي وتواجدي على الساحة السياسية كان هذا المقال عن التعريف بالحزب، من أنه هو تنظيم سياسي يضمّ الفئات الأكثر نشاطا من أفراد المجتمع، ويعبّر بالتالي عن مصالحها وأهدافها، يعود التاريخ الفعلي لنشوء الأحزاب السياسية إلى عهد الثورة الفرنسية عام 1789 وعادة ما تكون هذه الأحزاب مختلفة المنابت والتشكل، فتتوزع إلى برجوازية وبروليتارية وإقطاعية وفلاحية وبرجوازية صغيرة..إلخ وقد تلتقي بأحزاب تعكس مصالح ائتلاف طبقي (الأحزاب البرجوازية والإقطاعية، وأحزاب تكتل العناصر البروليتارية والبرجوازية الصغيرة..إلخ كما أن في الدول المتعددة القوميات تجد أحزابا ذات طبيعة قومية، وتطرح أفكارا وبرامج قومية، رغم ذلك تبقى المصالح الطبقية هي الغالبة لنشاط الأحزاب..
أجل أن الأحزاب السياسية هي تنظيمات اجتماعية، تحالف طوعي بين أناس في اعتناق فكرة واحدة ويخضعون بالتالي للانضباط الحزبي، ويسعون لتحقيق أهداف سياسية، وتحقيق النفوذ القيادي، ويسعى أيضا لاستلام السلطة لتحقيق نهجه حيث يغدو الحزب قوة مادية تتمثل في التنظيم والمال والصحافة أي الإعلام..
إن الطبقات الاجتماعية كما هو معلوم، وكما توضحها وتعالجها المادية التاريخية تظهر وتتعاقب عبر التاريخ كمسار تاريخي متصاعد من تشكيلة اجتماعية اقتصادية إلى أخرى طبقية شاء من شاء وأبى من أبى.. لكن الحزب السياسي هو تنظيم اجتماعي، أي من صنع البشر، هو تنظيم طوعي، تحالف طوعي بين أناس يعتنقون أفكارا بغاية تحقيق أهداف سياسية لا وسيلة لديها سوى التبشير والإقناع، كما أنه يسعى بدأب للحصول على السلطة، وبالتالي ترجمة نهجه على صعيد الواقع.. 
من جانب آخر وفي أحيان كثيرة تجد حزبا يرفع شعارا ويتقاعس في النضال لترجمته على صعيد الواقع.. لهذا فالحكم على هذا الحزب أو ذاك ينبغي ألا يكون من خلال اسمه وشعاراته، ولا حتى برامجه، فقد يكون ذلك مخادعا، فالحزب يقيّم من خلال أعماله الملموسة، فأدولف هتلر كان حزبه من أكثر الأحزاب عدوانية ومع هذا فسمّي بـ(الحزب القومي الاشتراكي) لإيهام العمال والفلاحين والمثقفين بأهداف الحزب المشروعة، الجاذبة لشـدّ انتباه الناس، ولو أسقطنا الحالة على الواقع السياسي الحزبي لكثير من الأحزاب، ستجد في برامجهم عناوين طنانة رنانة، وهم في الآخر ضد برامجهم، ضد شعاراتهم، حتى ضد رغبات شعبهم إذا ما رأى من السلطة الحكومية التفاتة ومكسبا ومغنما، لأن هؤلاء قد جاوزهم الزمن، أجل..لقد فاتهم القطار النضالي فلم يبق أمامهم ناهيك عن التضليل غير الخنوع والإيهام والإساءة… إن السمة الحزبية  حقيقة لا تتجسد في الواقع السياسي الكردي كحالة صحية، حيث لا يتحمّل الواقع هذا الكم العددي الهائل من الأحزاب أكثر من ثلاثين أو أربعين حزبا على مستوى مدينة كمدينة القامشلي وحدها، وهذا ما يؤكد على مدى تفشي روح الانتهازية والوصولية وحالة التردّي، بعض هذه الأحزاب إذا أسقطنا السكرتير انتفى الحزب، أي لم يعد الحزب موجودا، فالحزب صار يختزل في السكرتير، أي السكرتير هو الحزب والحزب هو السكرتير، فإذا تاه السكرتير إما لجبن أو لمغنم تاه معه الحزب كله، والسكرتير إذا ما رغب في أمر سياسي ما وهو خاطئ من أساسه صار معه الحزب متفهما لهذا الخطأ ومسوّغا له دون اعتراض..
مجتمعنا مجتمع ريفي فلاحي فما زالت العقلية العشائرية هي المتنفذة السائدة في التعاطي السياسي، والثقافة لا مكان لها في هذا الوسط، وإن وجد فأغلب الظن يأتي هذا في تيار انتهازي.. أمر آخر.. كثيرا ما يلف الشك الأمني شخصية السكرتير وبعض من يمشي في ركابه، ومع ذلك يبقى محطّ إجلال واحترام لدى الأحزاب الأخرى، وهذا يعود لضعف هذه الأحزاب على العموم.. وقد قلت في أحزابنا نصا  شعريا ساخرا لهذا الكم من العدد:
حزبٌ وحزبٌ يا له من سـاخرِ
واحــدهم مناوئٌ للآخــــــر
وقادة مثل الرعاة في  الفلا 
كدأبهم رعي القطيع (الداشر)
فلا ترى لا أبدا  من الورى
فيهم سوى جيل الزمان الغابر

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف   مرت مئة يوم ويوم على سقوط الأسد، لكن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم يتجاوز بكثير الساعات التي مضت. هذه الأشهر الماضية التي تنوف عن الثلاثة كانت مليئة بالتحولات السياسية غير المنتظرة، إلا أن الواقع الأمني والمعيشي للمواطن السوري لم يتحسن بل ازداد تدهورًا. إذ من المفترض أن يكون تأمين الحياة للمواطن السوري هو أولى الأولويات بعد السقوط،…

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…