2017*

ابراهيم اليوسف
أي غريب ذا يطرق بواباتنا، وهو يتدرأ بالرقم المركب”2017″ الذي لمانزل على بعد ساعات زمنية منه، قبل أن تتعانق عقارب الساعات والدقائق والثواني عند الرقم”12″ ويضاف رقم جديد إلى الروزنامة، لتنسب إليه سلسلة الأحداث ضمن فضاء ثلاثمئة وخمسة وستين يوماً قادماً، بعد أن خُذلنا- من قبل- ونحن في حرم رقم آخر، عام آخر، أقل منه تراتبية، على نحو مباشر، منينا في حرمه ، كما ضمن حرم ثلاثة الأرقام السابقة عليهما، و هي:2011-2012—2013-2014-2016-2015″ بما يكاد لايحصى من الأحلام التي أجهضت، أو نتفت، أو التظيت، أوتناثرت كما غبار عمارة الكون وهي تتداعى، في بعض أركانها، على مرأى النظارة جميعاً.
لم يحدث ذلك التداعي، الدراماتيكي، في بعض بنيانه، وأساطينه، كبقية من جغرافيا مديدة لاتزال في فلكه، إلا نتيجة خلخلة في الوشائج التي تربط حبات عقد العالم ببعضها بعضاً، ماجعل الكائن الآدمي يرى بكلتا عينيه أرخبيلات الدماء، وهي تسيل، مشكلة مستنقعات، لما تجفّ بعد، تلتقي في حدودها الأنقاض، والجثث، ورماد البارود المبرمل، وهوام دخان الطائرات التي تسيرفي مأمن من رادرات العالم المتغافل، المتناوم، المتطاوس، حسب ترسيمة، متفق عليها، لاضير أن تكبد المكان المرشح لنكبته بما زاد و تهيأ من أشلاء، آدمية، كامتداد لخريطة موسومة، مرسومة قبل مئة عام من الآن، وفق مشيئة لعبة كبار، أومكبَّرين- بفتح الباء المشددة- في مسرحية منومة الأبطال الحقيقيين، على نحو مغناطيسي.
رقعة الألم، والهجرة، والتشرد، والجوع، والسجون اتسعت، على حد مهول، مريب، مشين، ضمن حدي زمن الرقم السابق”2016″ كي يبلغ حده الأعظمي، وغدا مقابل ذلك كله تنصل الأبطال، البديلين، في النص التطبيقي، من كل ما هو موكل إلى أضرابهم-عادة- في ظل توافر سمة التكافل الأنسي، المغيبة، حسب أهواء هؤلاء السدنة، المارقين، أنى شاؤوا، والأكثر حضوراً، بحسب ريختير المقياس عينه، أنى شاؤوا أيضاً، مادامت الأيديولوجيا ليست سوى تميمة، مدونة على عجل، في جيوب أولاء السدنة، وهم يتحكمون بمصائر بقية الممثلين، ولكأن الأخيرين قد وقعوا في لحظة حرية، أوصفو، أوعقل على “عقد إذعان” بل “عقد زوال”، مخيَّرين، لامقهورين، مرغمين على السير إلى مصائر غامضة معلومة، وحتوف لامسوغ لها إلا في أعراف هؤلاء، وأداتهم المسرحية، وهي تؤثث مجدها الوهمي، وعرشها، بهاتيك المفردات التي ظهرت على حين غرة، وكان من نتائجها” موات جمهرات متناثرة، ودمار بيوتات، واحتراق أحلام وأوطان.
زمن قميء، يكاد ينتن كل منجز، ويهدد كل فأل خير، ويطفىء كل بريق، ويهدد كل ماهو نابض بالجمال، من خلال وسمه الداعشي، كاختصار ل” معجم الإرهاب”، ظهر-فجاءة- بعد أن أطفأ في سواده جملة ألوان متناقضة، وجدت في صنيع هذه الأداة ما يعيضها عن عصر الخطط التقليدية، ولاضير، في ماسيحدث، مادام الجرح في أمكنة أخرى، ومادام الموكل إليه في أداء المهمة يجيد إيقاع النص، المملى، وفق إرادة المؤلفين، والمخرجين، والمعدين، بكسرالعين، أو المعدين، بفتحها، وحتى النظارة، الصامتين، وهو سلوك مارقي الأفلام الدموية، عادة، وهم يبرمجون متاهاتهم في كواليس “هوليود” أوبدائلها، وإن كان بعض الممثلين ملتحين، وبعضهم الآخر، حليقين، لافرق، مادام وحام البطش قاسمهم السايكولوجي المشترك.
أجل، ليس من عاداتنا ألا نفتح بوابات قلوبنا أمام أي “ضيف” جديد، لاسيما إن كنا نعول عليه، أن يكون- رغم حياديته المعروفة بحسب قوانينه- فضاء ينصف فيه من تلقوا، ضمن حدود المرئي، ما لا يطاق ولا يحتمل من المكابدات العظمى الأليمة، جرش، وانطحن، إثرها، وتحت وطأة رحاها أبرياء، لم يفلسفوا إلا حبهم للحرية، والحياة، والرغيف، والغد النظيف من كل ظلم، أو استبداد.
 
*كتب النص قبل سنتين، في مثل هذه اللحظات، بعنوان2015. وإذ أنشره، هنا، فلأنه لايزال ممسكاً بجمر أمله وألمه وأسئلته..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…