نص كلمة جمعية الثقافة الكردية في جنيف في المنتدى الدولي لحقوق الاقليات بدورته التاسعة في قصر الامم بجنيف

 السيد الرئيس
ايتها السيدات ايها السادة الكرام 
باسم جمعية الثقافة الكردية في جنيف نحييكم اجمل التحية و نتقدم بالشكر الجزيل للذين اتاحوا لنا هذه الفرصة ، ليتسنى لنا المشاركة في هذا المنتدى العالمي و لنعبر عن رؤيتنا للمشهد الحضاري و الانساني في منطقة الشرق الاوسط و خاصة في بلاد ما بين النهرين (ميزوبوتاميا)
اذا كانت الثقافة بمفهومها العام هو منتج حضاري و بشري يمتد لآلاف السنين مضت فأن الحفاظ على هذا المنتج يصبح مهمة بشرية بامتياز بغض النظر عن انتماءه العرقي او الديني او البقعة الجغرافية الحاملة لها . 
إلا ان المثير في الامر ظل الشعب الكردي و اقليات القومية و الدينية في منطقة ميزوبوتاميا يتعرضون لسياسة ممنهجة تستهدف صهرثقافتهم و محوهم من الوجود ، وخاصة في المئوية الاخيرة ، فلم يهدأ البال لحكومات تركيا وسوريا و العراق و ايران إلا و ان حاولوا و ما زالوا يحاولون القضاء على الهوية الثقافية لابناء تلك المنطقة و لم يتوانوا عن اتباع ابشع السياسات لانهاء هذا التنوع الثقافي و البشري من خلال انتهاج سياسة تجريم التحدث بلغة الام و خاصة التحدث باللغة الكردية في هذه البلدان فضلا عن سياسات التجويع و التهجير و التجهيل والقتل التي اتبعت.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا كل هذا العنف الممنهج المتبع ضد الشعب الكردي و الاقليات الاخرى؟ هل هذه الشعوب تشكل خطرا على الحالة الوجودية للدول المذكورة اعلاه ؟ 
نحن نعتقد ان الثقافة الكردية و المخزون المعرفي و الحضاري لدى الشعب الكردي بشكل خاص و ابناء ميزوبوتاميا بشكل عام حيث منشأ الاديان السماوية و الحضارات البشرية كالحضارة الاشورية و الكلدانية و السومرية و الميدية لا يفتقر الى الرقي و التمدن و الامتثال لقيم الخير و القبول بالآخر و الاستعداد الدائم للتعايش السلمي و الحث على التقدم و التطور البشري وخير دليل على قولنا التراث الحضاري لهذه الشعوب.
اذاً لم يكن الخوف مبني على اساس علمي او ناتج عن تحليل منطقي لصيرورة التاريخية بقدر ما هو ناتج عن عقلية الانفراد و التسلط و الهيمنة و محاولة الحثيثة لابقاء تلك الشعوب في حالة التبعية الكاملة و حرمانها من التمتع بممارسة حقها في تقرير مصيرها . 
الكرد يغنون للطبيعة و يرقصون لها و ينشدون الخير في مواسم الزراعة والرعي  يسعون نحو العلم و يأبون الجهل كما يأبون الظلم و الاضطهاد كذلك الحال بالنسبة للشعوب الاخرى المتعايشة في نفس البقعة الجعرافية.
ايتها السيدات ايها السادة 
نحن نرى في التنوع الثقافي و اللغوي و الديني و العرقي ثراء للبشرية و هو هبة إلهية نقدسها و نحترمها ، من الاجدر القيام بما يلزم لتطوير هذا التنوع و التمايز الجميل لمكونات المنطقة.
من خلال هذا المنتدى وهذا المنبر ندعو كافة الشعوب المحبة للخير و التسامح  و السلام الوقوف مع الشعب الكردي و الاقليات الاخرى والعمل على الحفاظ على تراثهم التاريخي و تقديم كافة اشكال الدعم لهم لتطوير ثقافاتهم و الارتقاء بها و التعويض عن سنوات طويلة من الاضطهاد الممارس ضدها. 
شكرا لكم على حسن استماعكم 
جمعية الثقافة الكردية في جنيف 
24.06.2016


شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين تمر سوريا بظروف سياسية واقتصادية واجتماعية مُعقّدة ، يجد الإنسان السوري نفسه في ظلِّها أمام تحدّي التوفيق بين هوياته المتعدّدة. فهو من جهة ينتمي إلى الوطن السوري، وهو الانتماء الجامع الذي يحمل الهوية وجواز السفر والشهادة ، ومن جهة أخرى، يرتبط بانتماءات فرعية عميقة الجذور، كالقومية أو العرق أو الدين أو الطائفة. ويخلق هذا التنوّع حالة من…

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…