ابراهيم محمود
في التأريخ المعلَن: السبت، 12 تشرين الثاني 2016:أربعة كُرد، أو كرد أربعة، أربعة كرد شهداء، شهداء كرد أربعة، كرد أربعة شهداء، والنسبة: بيشمركيون. لا داعي للسؤال عن الجهة، عن ساعة الاستشهاد، عن الطريقة، فهم يبتكرون طرق سموّهم كحياة وموتاً.. بما أن النسبة هبَتهم لموت ليس كأي موت، بما أن موتاً لا يخلو من فجيعة المشهد، لا يكاد ينطق بأسمائهم، حتى ترفل حياة كردستانية بزهو الطريقة في الحقيقة: حقيقة أن الأربعة لم ينفصلوا عن أربعة كرد شهداء وواجب من كانوا قبلهم، أربعين، أربعة آلاف، أربعمائة ألف، أكثر من أي رقم يمكن تهجئته تاريخياً، وثمة آخرون وآخرون وآخرون، كما اشترط المنادي الكردي لأن يدفع بالموت المقيت لأعداء بعيداً عن نبض كل جهة كردية، عن وعد كردي يتفتح كردستانياً.
كرد كالسابقين عليهم، كاللاحقين عليهم، وفيهم موهبة ابتكار مذاهب موتهم وحياتهم، حياتهم وموتهم، حياتهم التي لا تُحَد، وموتهم الذي يدخل على الخط، تعزيزاً لفعل حياة كردية مديدة !
في التأريخ المعلن للآخرين، ولمن يختص بدراسة الموت الكردي وطلب استعجاله عند اللزوم، ليس للكردي إلا أن يحتضن حياته وموته، بما أن دم الكردي المترع بالضوء محرَّر من الساعة واليوم والأسبوع والشهر والسنة، من الزمن المعتاد، محرَّر طالما أنه متنقل جهات وأمكنة، بحثاً عن زمن يتناسب ومساحته الضوئية، وجغرافيته المنذور من أجلها، الدم الذي ينطق الكردية، وإن كان الكثير مما يتهدده يخص المحيطين به، المتربصين بحياته، بحلم نطفة كردية بحياة جديرة بأن تكون كائن حياة لا موت، والجسد الذي يتكلم الحرية للآخرين أكثر مما يخص بها نفسه، إن روعي في واعيته وخافيته مدى حقد الأعداء، واستهتار الأعداء بأنفسهم عينها.
تلك سورة أخرى لشهداء كرد أربعة: سيبان سعدون، مولود أحمد، عطوف طاهر، كاميران حسو، لعلهم آثروا أن يتوحدوا في وثبة دم واحدة، وفي لحظة واحدة، أبعد من حدود الموت، أعني أقرب إلى الحياة التي تتكلم الكردية كما يريدها الكردي، وتلح على لغة فصيحة باسم الكردي، وإن تضمنت لغات آخرين ممن يصعب عليهم تقبلها بحضور الكرديّ، معه.
أربعة كرد أقحاح، شهداء، وإن لم يٍسألوا عن الشهادة، لأنهم مذ دخلوا مرتقى الكردية الجبهوية الكردستانية المفتوحة رحابةً، كانوا أكبر مساحة من أسمائهم، أوسع مدى من حدود قاماتهم الفعلية، وهم يتناثرون في الاتجاهات كافة، كما هو المفعَّل الأثير داخلهم، أعمق من كل شيء، وأصلب من كل شيء، وإنما أيضاً أرق من كل شيء، وأبلغ في إيصال صوت الدم المغرَّد في أجساد فضاء، أكبر من العدد المذكور، أكبر من الرتبة العسكرية، من النياشين التي يعرَفون بها، من اللباس الذي يشد إليه الأخضر والأصفر والأحمر، أعني الزهو الكردستاني.
أربعة من مكان إلى مكان والأمكنة واحدة، من جهة إلى أخرى، والجهات واحدة، أربعة كسابقيهم، انتشروا بأقواس قزحهم المندّاة في جهاتهم الكردستانية، وسوف يكون هناك لاحقوهم، ولاحقو لاحقيهم، طالما أن حدود الكردي لم تطوَّب باسمه، طالما أن اسم الكردي لم يجر تسطيره بعيداً عن تكالب الأعداء، طالما أن كردستان لم تشب عن الطوق، طالما أنها لم تحتضن بعد، كما هي الأم الأسطورية الكبرى تاريخياً : أكثر من خمسين مليون كرديّها المعلومين.
دهوك في 12 تشرين الثاني 2016