«وقت ضائع» وفرصة سانحة

صلاح بدرالدين
  هناك مايشبه الاجماع بين مختلف المحللين السياسيين المتابعين للشأن السوري على أن الحسم بجانبيه السياسي والعسكري مستبعد كليا من الآن وحتى انتخاب وتنصيب رئيسة أو رئيس أمريكي جديد أي حتى نيسان – ابريل من العام القادم نظرا – وكما هو معروف – لخضوع القضية السورية ومستقبلها لمشيئة الخارج وتحديدا للقوتين الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية اللتان تشتركان معا في توافقات أساسية من حيث المبدأ حول سوريا وبذلك يشكل الزمن المتبقي ” وقتا ضائعا ” قد يشهد عمليات كر وفر في مختلف الجبهات الساخنة من دون تحقيق أي حسم نهائي .
وستشهد الساحة السورية في غضون المدة المتبقية على الأغلب وحسب المؤشرات والأحداث المتتالية اختبارات عرض القوة وخطوات تكتيكية لبسط النفوذ والتمدد على طريقة تسجيل النقاط بين اللاعبين الاقليميين من الدرجة الثانية وامتداداتهم المحلية المصنفة في الدرجة الثالثة الى جانب – داعش – ومخلفات القاعدة ومابقي من عسكر وشبيحة نظام الاستبداد والميليشيات المذهبية ( الأممية ) من دون اغفال المداخلات العسكرية الجوية المستمرة من جانب العدو الروسي المحتل كلما دعت ضروراتهم الى ذلك خاصة في مجال الحفاظ على توازنات مرسومة معينة على الأرض .
 وكما أفرزت المقدمات الأولية لمعركة الموصل واندفاع الميليشيات المذهبية المرتبطة بايران تحت مسمى – مجموعات الحشد الشعبي – نحو المزيد من التصعيد والمغالاة والتلويح بحرق الأخضر واليابس والتوجه فيما بعد لنصرة نظام الأسد واعلان حكام طهران باقامة قاعدة عسكرية مستجدة في القيارة جنوب الموصل وردود الفعل التركية المتسمة بالتهديد والوعيد واعلان الالتزام بحماية أهل السنة من التركمان والعرب في الموصل وتلعفر فان الدلائل تشير – ان تحولت تلك التهديدات الكلامية والردود عليها الى فعل على الأرض – الى أن نظامي طهران وأنقرة سيقودان صراعا مذهبيا مريرا وقوده شعوب المنطقة وساحته سوريا وجزءا من العراق وتحديدا محافظة نينوى والخط الممتد من الموصل – تلعفر – ربيعة – سنجار . 
   القيادة السياسية لاقليم كردستان العراق بحكمتها المعهودة تدير عملية الصراع ضد ارهاب داعش بحنكة منطلقة من مصالح شعب كردستان العراق حريصة على وحدة العراقيين بكل مكوناتهم في مواجهة خطر الارهاب والنزعات الطائفية الانقسامية وتحاشي الفتن المخططة لها والابتعاد عن كل مايفرق بين الكرد والعرب وسائر المكونات ( اقرار عدم دخول البيشمركة الى مركز مدينة الموصل مثلا ) بعكس الأداء الفاشل والمضر والاستفزازي لقيادة – ب ي د – في حدود سلطتها ( الأمر واقعية ) وهذا ينعكس سلبا على مستقبل الكرد السوريين خاصة وأنها متورطة في الانخراط بالمشروع الايراني – الأسدي ومن غير المستبعد أن تكون احدى الأدوات المنفذة للمخطط المرسوم ضد كرد العراق خاصة مايتعلق الأمر بسنجار وربيعة وجيوب أخرى ( وهذا مالايتمناه أحد ) .
  نعود لموضوعنا الرئيسي المتعلق بالوقت الضائع بالقول أن فترة مايقارب الأربعة أشهر ليست بقليلة في الحالة السورية واذا تركنا التصريحات المتناقضة الصادرة من قيادة الائتلاف والوفد التفاوضي جانبا التي تصب أساسا في عملية الحفاظ على ماء الوجه ورفع العتب والتي تخلو من أي كلام سياسي ولاتتعدى نشر الأخبار واحصاء الضحايا مع اصرار بعض آخر على حضور جنيف ولوزان من جديد حتى لو كان بهدف السياحة السياسية فان الوقت الآن أكثر من مناسب للبقية الباقية من قوى الثورة والمعارضة الوطنية الشريفة للتوافق على عقد المؤتمر الوطني السوري لاستعادة الشرعيتين الوطنية والثورية واطلاق البرنامج السياسي وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لادارة المرحلة القادمة . 
 كما أرى فان الفرصة سانحة لانجاز هذه المهمة التاريخية العظيمة التي لاتقل أهمية عن انطلاق الانتفاضة الثورية قبل أكثر من خمسة اعوام بل هي تجديد لها وتعزيز لمكانتها واعادة لبنائها من جديد وذلك بالمبادرة في تسمية اللجنة التحضيرية من ممثلي مختلف الأطياف والتيارات الوطنية الثورية لتكون المنوطة بالاعداد للمؤتمر المنشود وخلال الأربعة أشهر القادمة عندما تعود الحياة للارادة الدولية وتتكشف المخططات الاقليمية على نحو أوضح ستكون لدى السوريين قيادة سياسية بجناحها العسكري جاهزة لتمثيل شعبنا وثورته وتواجه كل التحديات الماثلة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

م. محمد رشيد   نحاول فيما يلي توضح أبرز الحقائق عن الكورد ومواقفهم وتوجهاتهم في المرحلة الانتقالية الراهنة لإزالة الغمام والشكوك و الشبهات تجاه الخط العام والمحوري للحركة الكوردية بمكوناتها السياسية والثقافية والاجتماعية.. الفاعلة والممثلة و الشرعية للكورد بخلاف ما يروج لها هذه الأيام على وسائل الأعلام والتواصل من تحليلات وتنظيرات وتسريبات وثرثرات وترهات وخزعبلات.. كما يصرح بها ناشروها بأنها…

تتقدم منظمة أوروبا للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، وعائلة المناضل الراحل خالد كمال درويش، عضو اللجنة المركزية لحزبنا، بخالص الشكر والتقدير إلى جميع الفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية، وممثلي الأحزاب الكوردستانية، والمجلس الوطني الكوردي، والإخوة في مقر البارزاني، والمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني، والفرع السادس في أوروبا للحزب الشقيق، والأخ شفا…

عُقدت اليوم جلسة حقوقية في مدينة إيسن – ألمانيا، بدعوة من منظمة حقوق الإنسان في سوريا – ماف والشبكة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا، بحضور نخبة من الحقوقيين والسياسيين والمثقفين السوريين، لمناقشة مستقبل الكرد والمكونات السورية الأخرى في ظل التطورات الراهنة، وخاصة الإعلان الدستوري الذي أقرّته سلطة الأمر الواقع، والذي لاقى رفضًا واسعًا لعدم استناده إلى توافق وطني حقيقي.  …

فواز عبدي أود أن أوضح بداية أنني لست مختصًا في القانون، وقراءتي لهذا الموضوع ربما تندرج ضمن الإطار السياسي النقدي. بعد استعراض الإعلان الدستوري السوري المؤقت، الذي تم تبنيه عقب سقوط نظام بشار الأسد، يمكن ملاحظة عدد من النقاط التي قد تسهم في ترسيخ حكم ديكتاتوري جديد، حتى وإن كانت النية الظاهرة هي بناء دولة ديمقراطية قائمة على…