المثقَّف الكُردي المزيَّف مرَّة أخرى

 ابراهيم محمود
” إلى أولي أمر ندوة مركز دراسات روداو “
” لقد حلَّ إذن أولئك الذين يُسمُّون مثقفي وسائل الإعلام، محل المثقفين. هل يمكن للمثقف أن يكون مثقفاً ومسوَّقاً إعلامياً ؟ “
باسكال بونيفاس: المثَقَّفون المزيَّفون ” النصر الإعلامي لخبراء الكذب “، ص 20.
” إلى الدم البيشمركَي المقاوِم لإرهاب داعش راهناً، ما يكُتَب حبَّاً بالحقيقة ينير سبيلك ويبقيك أكثر “
أنا طبعاً
===
كاد أن يدفع بي الأخ الدكتور آزاد أحمد علي” رئيس مركز دراسات روداو ” إلى احتضانه دون تردُّد، حين التقيته على هامش ” ملتقى الفكر القومي في سوران، عصر يوم الثلاثاء، 27 أيلول 2016 “، وهو يشدّد على وجوب التعاون ” الثقافي ” في سبيل القضية المشتركة، وكلٌّ على مرمى حجر من الآخر” هو في هولير وأنا في دهوك “، وأن ” مركز دراسات روداو ” يعِدُ بالكثير، لكنّي تحفَّظت على ذلك لأن لي تجارب مع تسويق ” عقلاناوي ” كهذا، ومن متمرس بمنطق التحزب.
وها هي ندوة مركز دراسات روداو في نشاطها التشريني البِكْر، تصادق على تحفظي وأي مصادقة؟! الحقيقة ما قبل جبال ” سوران ” خطأ ما بعدها، كما يظهر.
إنني أتحدّث في سياق محدّد وفي هذا الوقت العصيب، رغم أن الكردي مذ وجِد وهو مقيَّد بهذه الحياة العصيبة، وعُصابة الحقيقة مشدودة على عينيه كثيراً. وإذا كنت أعْلِم من لم يعْلَم حتى بالنسبة لكوادر روداو الإعلاميين، أنني تناولت مكانة روداو في أكثر من مقال في أوقات متفاوتة، إلا أنني كنت أفصح عن نقدي لسلوكيات تتطلب تصويباً أكثر لتكون في مستوى الكفاءة الروداوية لتمثُّل الحقيقة.
وفي ضوء مجريات وقائع هذه الندوة ومن تمت دعوته من على مسافات بعيدة، وأنا في دهوك، ولا بد  أن للدكتور آزاد يداً في وضع الأسماء ومخاطبتها، هأنذا، كمثال حي ” أسقَط ” من حساباته، ومن ذاكرة الواقعة ” السورانية ” تلك، و” هبَّة ” الروجآفاوية الملبَّسة بـ” الطُّعم ” التحزبي، تلوّح باسمها، إما لأنني لم أتهيَّأ لدخول هذا ” المحفل ” المخطَّط بعد، أو أن وعي الدكتور آزاد ومن شاركه في الترتيب والإعداد لا يريد طلاق ما كان تحزبياً والذي استغرق قوى نفسية كثيرة فيه؟
إذا كان هو ومن يتصرف على طريقته، وبنوع من الفهلوة والتزاكي أنه يستطيع اتّباع السياسة الغرَّافية لحزبه الذي يعرَف به حتى وإن أقسم بالطلاق العقيدي مرات ثلاثاً لحظة التشديد على ما هو مصيري لممارسة التنويم المغناطيسي على المسكونين بما هو قومي كردي، لأن ثمة قولبة لافتة في ذلك، واعتبار من لم يكن يوماً يفكر في الأمور “في اتجاه واحد: وان واي” مثله أو كأي نظير له وما يعادله، نظير ذلك الكردي البسيط إنما الأصيل وهو يمنحه ثقته، فينتقل به من خدعة لأخرى، فإن ما يجدر قوله هو أن الجاري حتى الآن يفصح عن أي نوع من المثقفين تفرّخه جهاتنا التحزبية، وخصوصاً عبر وسائلنا الإعلامية تحت يافطة الكردية، وما في ذلك من خروج من الجغرافيا والتاريخ الفعليتين معاً.
في لحظة سهو، أو غفلة، ينسى الدكتور المعني بمركز دراسات روداو من أعلمه بحساسية الجاري، لأن الغفلة بالنسبة لمنطق المتحزب هي القاعدة والصحو هو الاستثناء.
ولأُزدْها توضيحاً: هذا ينطبق على جُلّ الكادر الروداوي التلفزيوني ممن له سهم في الاتصال بالآخرين أو من يجب الاتصال به أو مقابلته في الاستديو الرئيس أو الفرعي، بدءاً من مذيعنا الذي أحترم مهنيته: دلبخوين دارا، وعلته أنه ينسى في أكثر من تعليق له على لقاء مع ضيف روداوي أنه مذيع وعليه ألا يخلق تفاوتاً في التقييم بين ضيف وآخر، مروراً بمن يختار الأسماء ذات الصلة بموضوع مرتبط بالأحداث وكيفية تناولها: وكيف يتم التوجيه والاختيار والتقديم، ومن يعِد ولا يفي بوعده، تأكيداً على أن روداو كقناة لا تخفي تحيّزها، وإذا اقتضى الأمر” رغم كراهيتي للمواجهة من هذا النوع، فأنا على استعداد تام وعلى الهواء مباشرة لتسمية واحد، اثنين، ثلاثة، بالنسبة لما تعهدته روداو روجآفاويينا ولم تلتزم بحرفية عهدها”.
تلك غفلة بعض من يزعمون أنهم كتّاب، وقبله بأيام، وهم روجآفاويون واقعاً، زعْم الاتصال اللامتصل، كما لو أنني أعيش في كوكب لم يكتشَف مساره بعد في ” مجرّة إقليم كردستان “، ويا لها من كذبة تسمّي مثقفها، ومن ثقافة تشهّر في مسوّقها.
عودة ” أمامية ” إليكم، أيها ” الرجال الثقات ” الكرد الكرد:
ربما هو وباء بات سجية اعتبارية في هذا المضمار لتيمة المثقف الكردي الإعلامي ويفرض نفسه مثقفاً على الثقافة بتماميتها انطلاقاً من مناقبية ظلّية، ولا أدري، وفي واقعنا، وفي مكوكياتنا الفضائية المنقسمة على بعضها بعضاً، كيف يمكن لأحدهم على طريقة ” بونيفاس ” أن يشدّد على أنه مثقف، مثقف، ومثقف إعلامي في آن؟ لأن المثقف الإعلامي ومن النمط الكردي تحديداً، أو من يستعرض لقطات له بحركات معينة من على الشاشة البيضاء، بصفته مثقفاً، كمن يقول إنني استثناء الاستثناء، وحذار من أن يتفوه أي منكم في قول ما يطعن في هذا الاستثناء؟
أولو أمر الكونفرانس الروجآفاويون! لقد تعرفتُ على كردستان قبل تعرفي على تمنطقكم الحزبي وبعده، وأحبها خارج هذا المنطق التحزبي الواحد منكم تلو الآخر، كغيري من كردنا البسطاء الأصلاء، لأن دمي لم يعرف التحزب منكم. سلو كتاباتي تعرفوا، ولا أنتظر أي ثواب من أي كان على حبّي ومعرفتي هذين، ولا أكره أياً منكم رغم أن ما يمارَس باسمكم، على أيديكم يثير كراهيات بالجملة، سوى أنني لا أستطيع أن أصارحكم بحبكم جهاراً، خوفاً من أن تطعنوا صورة هذه الـ” كردستان ” التي تمزقونها، وترخّصونها، وتخبّصون باسمها آناء الليل وأطراف النهار حتى الآن وباسم العرّابة المركَّبة: الثقافة،، أما أن تصرّحوا أنتم ومن كانوا قبلكم بحب أخشى جانبه، فهو يصيبني بالقرف الذي سيدخل تاريخ القادم من الأيام.
أما أن تصرّحوا وبالفم الملآن أنني محل كراهيتكم بالجملة لا المفرق، في تحزبياتكم المنمَّقة، فذلك شرف كبير لي، حيث أكون مغايراً خارج الأقفاص التي تتراءى أمام ناظري، وداخلي تنبض كردستان الثقافة الواعدة باسمها. ولننتظرْ!
دهوك، في 21-تشرين الأول 2016 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…