ليس بالامكان أحسن مما كان (بمناسبة الذكرى الخمسين لميلاد بارتي ديموقراطي كوردستاني سوريا)

 جان كورد   
14/6/2007

قبل كل شيء أهنىء الأمة الكوردية جمعاء، بهذا اليوم الهام في تاريخ حركتنا الكوردستانية في غرب كوردستان…

يبدو أن بعضهم يريد اقناعنا بأن في سياستهم شيء من “نهاية التاريخ” ، فهم يرفضون عدة أمور يعتبرونها ضررا كبيرا للحركة الكوردية في هذا الجزء من كوردستان، وهم مقتنعون بأن:
– اجراء أي تجديد على مضامين ومطالب وطموحات الحركة السياسية الكوردية بذريعة أن هذا يخدم “الشوفينية العربية” ويضر بمسيرة الحركة …

– يمكن لرئيس الحزب إذا عاش خمسين عاما آخر أن يبقى رئيسا للحزب، وكأنه قدر محتوم لشعبنا أن يعيش في ظل هذا الرئيس حتى مماته أو عجزه التام أو خرفه… وهو غير مستعد للتنحي طالما لا يعتقل ولا يجبر على ذلك…
– العالم السوري معزول عن تماما عن العالم الخارجي ، ولايمكن الاعتراف بأي نشاط فعال في الخارج طالما لم يأتمر بأمر السلطان الحزبي في الداخل السوري…
– كل من لايقبل بقناعات الرئيس الأبدي ولايسير في ظله الباهت مرفوض ، منشق، متآمر، مشكوك بأمره…
ومعلوم أن الأم التي لا تستطيع تقديم وجبات غذائية ملائمة لتطور أولادها بسبب فقرها أو عجزها مضطرة لايجاد المبررات لما تقدمه كل يوم من ذات الغذاء الموجود، وقد تحاول اقناع الأطفال بأن الاتيان بوجبات أفضل أوتجديدها مضر صحيا لهم… هذا هو حال بعض من يتشبثون بالمقاعد الأولية في حركتنا السياسية الكوردية في غرب كوردستان…
هذا الخوف الدائم من “الشوفينية العربية” ليس إلا قناعا وذريعة لتبرير سياسة فاشلة لم تأت بشيء للشعب الكوردي، فالشوفينية العربية باتت في موقف الدفاع وليس الهجوم ، بعد كل التطور الحضاري في عصر العولمة هذا، عصر التنوير الاعلامي، عصر زوال ما كانوا يسمونه بالتعتيم الاعلامي على القضية الكوردية أو القضية الديموقراطية… وهناك عشرات الأقلام العربية الحرة المخلصة التي تبدد ضباب هذه الشوفينية كل يوم، وتعترف بالوجود القومي الكوردي ، شاءت الشوفينية أم أبت، بل إن شرائح كبيرة من المجتمع السوري صارت تجد في القضية الكوردية قضية سورية هامة وحلها حلا ديموقراطيا عادلا، يتناسب والواقع الديموغرافي والجغرافي للشعب الكوردي، خطوة أساسية على طريق تحقيق الديموقراطية ونيل الحرية في سوريا… ولذا يمكن القول بأن ذرائع هذا التيار الرافض للتجديد في الحركة الكوردية السياسية، سواء بصدد مسألة “الأرض والشعب” أو بصدد مسألة “التغيير الديموقراطي الجذري” لم تعد تقنع شعبنا، وهي مخالفة لمبدأ التطور الاجتماعي والسياسي والثقافي للمجتمعات… فنحن لم نعد في عصر “محمد طلب هلال ومنذر الموصلي” وغيرهما… ونحن لسنا عند نهاية التاريخ، وانما في نقطة على مسار تحركه صوب الأمام… الأوراق الباهتة القديمة تتساقط باستمرار وتنمو عوضا عنا أوراق غضة جديدة، هذه هي سنة الحياة…
فكرة الابقاء على الرئيس حيا أو محنطا، تذكرنا بعقلية كيم أيل سونغ، تشاوتشيسكو، ماوتسي تونغ والأسد… وغيرهم… هذه العقلية مدمرة للمجتمعات وللحركات السياسية… فإذا كانت رئاسة حزب “ديموقراطي” أو “تقدمي” أو “ليبرالي” ملكية، فهذا يعني أنه ليس بحزب ديموقراطي ولا تقدمي ولا ليبرالي… سواء أكان سوريا أو صينيا أو أمريكيا أو مغربيا…وانما وقوف على أطلال القرن العشرين، قرن الدكتاتوريات العريقة، ويذكرنا بالملكة اليزابت البريطانية، وليس بالعالم الحيوي المتجدد… المومياء مكانها المتحف…
الخارج والداخل متداخلان، بدليل أن السيد المحاضر في البالتوك (لاحاجة لذكر اسمه لأن هناك العديد من أمثاله) كان يتحدث البارحة عن حزبه العجوز إلى كورد من مختلف أرجاء العالم، وتتلقى الغرفة إلى جانب ذلك أسئلة وتعليقات وأخبارا، من شتى أنحاء الدنيا، فكيف يصر بعد ذلك الأتباع والأشياع الذين أقسموا الولاء للماضي الذي لايتحرك في نظرهم أبدا على أن الداخل السوري هو الحاسم فقط؟ فهل خوف النظام من “اعلان دمشق” اليوم أم من “المتمردين” خارج البلاد؟ لماذا ينكر هؤلاء دور الخارج إلى هذا الحد ؟ الجواب: لأن الحزبية الضيقة المتمركزة في الجينوم السياسي لهم تغلق عقولهم وتبعيتهم المطلقة للزعماء “الكبار” لاتقبل عصر العولمة وتقارب البشر المذهل في سرعته، فقبولهم بذلك ينهي تلك الزعامة التي تغطي وجهها حتى لايسطع عليها النور… مثلها في ذلك مثل النظام الذي تغازله أحيانا ، وأحلفت من قبل لأسده الكبير الراحل بالوفاء يوم رحيله…

لايحق لهؤلاء الاصرار على أنه يجب أن يكون الأبناء والأحفاد صورة طبق الأصل في تفكيرهم وحراكهم وعلاقاتهم وأساليب نضالهم عن الزعامات الكلاسيكية التي تزعم أنها تملك “الحق المطلق” ولا أحد يعلم سواها ماالأفضل لهذه الحركة، وعلاقاتها المحدودة مع أغصان غير مثمرة في النظام وما حوله من أتباع هي أروع العلاقات في تاريخ الشعب الكوردي، وأن ليس بالامكان أحسن مما كان كما قال بعض الفلاسفة…
قيادات جنوب كوردستان المحترمة فهمت التحول الكبير في الصراع الدولي والعلاقات الدولية وتغير موازين القوى وما يجب أن تكون عليه سياستهم الاقليمية والشرق أوسطية والكوردستانية فحققوا لشعبنا في جنوب كوردستان انجازات عظيمة وهم مستمرون في ذلك، ولم تخوفهم “الشوفينية العربية” ولا “التهديدات التركية” ولا “المؤامرات الفارسية” ولا “الطابور الخامس” ولا “الارهابيون التكفيريون“، فقدموا بذلك خدمة عظيمة لقضية الحرية والديموقراطية في المنطقة بشكل عام وفي كوردستان بشكل خاص…
فهل يستحق اليوبيل الذهبي لميلاد بارتي ديموقراطي كوردستاني سوريا مثل هذه السياسة المتخلفة عن العصر حقا، تلك التي يحاول بعضهم ترسيخها للأبد في عقول شبابنا في غرب كوردستان، بعد أن مارسوها لنصف قرن كامل، دون أن يحققوا هدفا واحدا من أهدافهم المعلنة في برامجهم ومناهجهم التي أكل عليها الدهر وشرب، ومع ذلك يطالبون العالم الكوردي كله بالتبعية العمياء والمفرطة في محاربة الجديد؟

الجواب متروك للكوادر المتطورة فكرا في صفوف حركتنا الوطنية الكوردية…

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…