ابراهيم محمود
اعرفوه جيداً، هو واحد منكم، من بينكم، ربما هو أيٌّ منكم، نسيج وحده من حيث جودة ” الإبلاغ “، فرادة الإيقاع بمن حوله حتى وهو طوع سلطان النوم، وقد أدرك بمحض التجربة أي بطولة مقلوبة تسمّيه: المخبر الكردي الذي له ميزة مضاعفة في إيذاء بني جلدته، حتى أقرب المقربين إليه. يتحدث بالكردية بجدارة، بها وبغيرها، وربما ينافس أي بليغ في ترديد شعارات الكردايتي، هتافاته، وعينه على أحدهم، أو أكثر، وأذنه مركّزة على جهة ما أو أكثر، كما لو أنه منذور للكردايتي حصراً.
لم تخرّجه مدرسة أو معهد، كتّاب، إنما ظلال أشخاص لا ظلال لهم، أسماء حركية تفتقر إلى الحد الأدنى من حركة الحياة، دورات خاصة، نظير موهبة وفيها قدوات وأتباع وأتباع أتباع، فهم ربما يعرفون بعضهم بعضاً، المخبر هذا لا يفتقد بلاغة الاستقطاب وعقد صداقات، وسرعة الانقضاض في النيل ممن صاحب وصادق ” تقديراً ” منه أن الحكمة ” ضالة ” المخبر، قبل أن يوقع به المصاحَب.
مخبر على أهله، أناسه، كل من يلتقي به، مخبر على كل شيء، كما لو أنه معاهِد من بث فيه الغواية هذه، أنه على قدْر استنقاعه الداخلي يؤكّد رهبته في النفوس.
اعرفوه جيداً، هوذا وجه المخبر الوسيم أحياناً، لابس ربطة العنق أحياناً أخرى، المشورب دون الذقن أو بهما معاً أحياناً ثالثة، بأعمار مختلفة، ومن الجنسين، تحقيقاً لروح الكردايتي كما لم تعرفها روح لغة أخرى، جرثومة أخرى، وبنوع من التنافس هنا وهناك، ولا أحد بمستثنى من أن يكون نزيل صحيفته القانصة، أو صورة ملتقطة في غفلة، أو عبارة مغيَّر فيها، أو تقويل كلمة، وجرأة غير مسبوقة في الكتابة أو الحفظ عند اللزوم، أو التقديم للجهة هذه أو تلك، وما أكثر الجهات الكردية التي عزّزت فيه هذه الروح الكراديتية المنخوسة، روح الانقسامات واستلهاماتها.
اعرفوه جيداً، في تقلباته، وسرعة تحوله من جهة لأخرى، وهو المرعوب من كل طارىء، رعديده، فمبدأه الوحيد أنه دون مبدأ، إلا الإخلاص لكونه مخبراً، حيث المناخ منشّط، والأرضية منشّطة، والمستجدات منشّطة، وثمة سابقون ولاحقون.
المخبر الكردي الذي يسهل التعريف به على وقع المعطيات وكيفية التعامل مع الأحداث وبعمليات حسابية لها صِلة بالأوضاع المتأزمة، وفي السنوات الأخيرة، وفي عصمة ” روجآفا ” ووصلاتها، وقد اخترِقت عصمتها كثيراً لأسباب وأسباب:
مخبرون معروفون لحسابات أشخاص وأنصاف أشخاص، جهات كاملة ومنقوصة، تحزبات، كما هي أصول الانتماء الكردية المسطَّحة، بمقاسات مبتدعة كردياً، لا دخل للعدو في نشأتها أو تنميتها أو تكاثرها، إنما مدى اشتهاء الكرد المتولّين لأمر الكردوارية وقد تشتتوا وتفتتوا وتنحَّتوا أنَّى التفتوا في الجهات الأربع .
ربما على وقع التنابذ الكردي- الكردي، والتشاتم الكردي- الكردي، والتخاصم الكردي- الكردي، يجد المخبر الكردي مرتعاً خصباً له، مكرمات لأفعاله المثمَّنة والمزيَّنة من جهة الذين يتزعمون ” مأثرة ” التنابذ والتشاتم والتخاصم، حيث أغلب الكرد الغلابة منذورون لنهايات فاجعة، في بيوتهم المهددة بالانهيار، في المخيمات المنذورة لعصف الرياح المباغتة، والقيّمون كرد، ومن هم برسم الأمانة كرد، ومن يديرون شئون الكرد كرد، إلا أن للمخبر الكردي وقد تنوَّع في ضوء المتحولات، فلا أحد بمنجى من قنصة هذا المخبر، من طعان فوق الطعان التي تستنزفه حتى لو تنفَّس الكردي في خيمته، أو حاور ظله، أو داعب طفله الواهن..
هوذا المخبر الكردي إذ يعيش نشوة تقاريره المحفوظة والملفوظة، بأناقة ودون أناقة، المعلوم والمجهول، والمعلوم أكثر تباهياً بنفسه، حصيلة تزكية وترقية من معلّميه ذوي الألقاب، المخبر المعتمد عند ذوي الشأن، بحساب أو دون حساب، والمسوّغ الأوحد في ما هو دون حساب، أن ثمة إخلاص الخلف للسلف في هذا المضمار، وقد تنامت عضوياته، على خلفية الافتئات الكردي ومتزعميه بأسمائهم ورموزهم وتعهداتهم الذاتية بأن يستحدثوا المزيد من فرص العمل لمخبرهم الكردي إيماناً منهم أن ليس كالمخبر من يذكّرهم بضعتهم واستهتارهم بأم كرديتهم.
هو ذا المخبر الكردي الذي يعرفه المشار إليه بالاسم فيما تعرَّضتُ له في أكثر من مقال وكتاب سالفاً، يعرفه مدَّعي الكتابة الرصينة، ومتصدر واجهات المناسبات الأدبية والسياسية الطابع والكرنفالية وأطنابها، يعرفه من يعرف أن التستر بأسماء العائلات المفخمة خير وسيلة لتغطية عجز بنيوي في روحه، أن اللوذ بظلال مقصقصة لشخصيات مهلهلة خير أسلوب لتجنب الوقوع في هاوية الفضيحة، رغم ادعاء شرف الكتابة، رغم العمر المنصرم هنا وهناك، ليلتقي المخبر الكردي المخضرم والقديم نسبياً وحديث العهد والمهيء نفسه في هذه المعمعة السافلة قيمة. هوذا المخبر الكردي الذي بفضل أولي أمر كرد أنى تلاقى كرديان حتى حتى هو ” الثالث ” خلفهما، في إثرهما، أو يكون أحدهما مخبراً على الآخر وبالتناوب، وهو ما يمثّل النشوة الكبرى لمتلّقي وشايات المخبر الكردي، لتلفيقاته، لمزاعمه، ومشجّعه، ومكافئه.
هو ذا المخبر الكردي، لا نومه نوم، ولا صحوه صحو، جرّاء نخر دودة المخبرية في روحه.
ألا لكم عانى ويعاني كردنا الغلابة من استفحال داء ” المخبرية ” الكردي على أرض الكرد وخارجها، المخبر المباشر وغير المباشر بأسمائه الكثيرة ووجوهه الكثيرة.
ما الذي أُبقي للأعداء الأعداء إذاً ؟
دهوك، ليل 12 تشرين الأول 2016 .