في نقد الفعل السياسي كورديا – الحركة السياسية الكوردية في سوريا أنموذجا –

وليد حاج عبد القادر / دبي
قال برنارد شو بعد أحداث 11إيلول في نيويورك / .. في عام ١٩٤٠ كنا نعرف من نحن ونعرف العدو ، كنا نعرف الأخطاء والنتائج ، أما اليوم فاختلف الأمر ، لا نعرف من نحن ، ولا نعرف القضايا ولا التبعات ولا نعرف طبيعة العدو .. / نقلا عن الشرق الأوسط عدد 13747 تاريخ ١٨/٧/٢٠١٦ صفحة ١٢
  1 من /2 بات من بديهيات الكلام أن حجم التبدلات العنيفة التي تتالت في السنوات الخمسة الأخيرة و التي تمظهرت وكأنها انكشفت وبانعطافة شديدة هكذا !! فجأة في المنطقة  / أقله كورديا سوريا / و لتتوازى في أحداثها  وكمقاربة مؤطرة ليوميات هندسة خارطة سايكس بيكو وتصارع كما تضارب مصالح الدول الكبرى حينها بشكل عام ودول الإنتداب بشكل خاص ، والتي ارتكزت كما نتلمسها الآن كحالة مستجدة ومتمظهرة ايضا على مبدأ الفكفكة الخرائطية من ضم والحاق وتشكل جديد أثبتت حيثيات التراكم فشلها الذريع ولتنتج من عصف دوامتها تبدلات أخذت تتراكم ولتنساح مجددا كحركة تايفونية تموضعت عليها أطر التكتلات وتداخلت بتحالفاتها و محاورها في سلسلة عقدية ولتتمحور من جديد بحثا عن مآلات حل للإشكال الذي تأزم أو يؤزم 
وبات الأمر سيان لطالما أصبحت سوريا هي الحاضنة الأكثر جذبا لتلاقي وتضاد كافة أطر الإرهابيات العابرة للقوميات والخرائط ، وهنا ، وكورديا !! لعله بات من الحقائق الدامغة وجوبا ومن خلال الوقائع مدى التناحر العنيف المتأشكل في محيط كوردستان كنتاج لفرز تموضع دينيا وأيضا كقيمة معيارية لمظلومية تاريخية متبادلة تستجلب او تثار منذ معركة جالديران التي مهدت لفرز مازالت تكرر انتاج ذاتها الحاقيا وباستعلاء قومي ما تمذهب إلا في أضيق النطاقات على الرغم من القرون العديدة ، ولكنه التاريخ من جديد ورتابة تكراره بالموائمة مع زمنه فيتجلى الصراع وبقطبي جالديران وليعتصر الأمر ومن جديد تكوع التوجهات وتختلط باحثة عن المنفذ وللدقة فقد تبلورت بعض من مقدماتها قبل الإنقلاب العسكري في تركيا بأسابيع ولتتتالى بسلاسة منقطعة النظير وباندهاش اذهل الجميع فيما بعدها ، لتبدو  سياسات تركيا السابقة كخفاقة بيض سريعة الإنجاز و .. السرعة الصاروخية في الانعطاف بتخل واضح عن استراتيجيات بقيت ثابتة رغم مرور السنين واعني بهما درتا تاج السلطان وهما مدينتا الموصل و حلب .. أما إيران فهي ما توقفت ومنذ سقوط نظام الشاه وقرارها في تصدير / ثورتها / واعتبار كل الجغرافيات ابوابا مفتوحة لها بأساليب تخطت نزعات الحملات التبشيرية وتجلت اهدافها بوضوح في استهداف البيئات وضربها بينيا من خلال انتاج حواضن على شاكلة منصات وجهدت في رفد هذه المنصات بالإمكانات اللازمة وعلى ارضيتها مأسست كتائب وميليشيات عسكرية مكنت لها كل سبل الغطرسة المكانية وبعنوان واحد وصريح تجلى في السعي الممنهج لتقسيم بنى المجتمعات سياسيا واجتماعيا وبالتالي خلق بيئات متناحرة تتسلل هي من خلالها وتتمترس بقبضات تشكيلاتها المرتهنة لها من جهة والعنيفة في اسلوب تعاطيها مع المختلفين وايضا لها ، وكل ذلك على أرضية توفير كل مستلزمات التضخم الذاتوي وفي نطاقية التحكم من جهة وكقوة ناجزة تضرب في محيطها وترعب الحاضنة وتتمظهر وكأنها حامي الأوطان والمناضلة في وجه الأعداء وهمها الأساس السعى في استيلاد عداوات بينية فظيعة وهي تجهد في المحاولة بكل قوة ان : تخطف الإرادة جبرا و تتمظهر وكأنها القوة الشرعية الوحيدة لابل هي المخولة / الهيا / للجهاد و المقاومة وما على الباقين سوى التصفيق او التهريج !! .. / حزب الله في لبنان ، الحوثيون ، الحشود الشعبية .. وكل الفئات التي تنطبق عليهم هذه المواصفات / …. وفي العودة الى واقع الحركة السياسية الكوردية وتموضعها في اطار المتلقي للمتغيرات ومستجداتها لا صناعتها سيتلمس المتابع العادي للشأن الحزبي الكوردي و ببساطة حجم المسوغات و الذرائع في تفسير دونية الوعي التحليلي وعدم توفير قواعد واسس لمنهجيات تتعاطى بتحليل الآفاق الإستراتيجية للحدث / الأحداث ولن نقول صناعتها على العكس من الاهتمام الأساسي لغالبيتهم الذي كان ولا يزال هو في الحفاظ على كياناتهم الحزبية كشركات مساهمة مغفلة !! وبكلاسيكيات شعاراتية متداخلة ومتناقضة توحي بتبعيتها او ربما استمراريتها لمنهجيات ثورية كوردستانية ظاهرا وتوجهات ماخلت ايضا وكتمذهب موجه شاء ممارسوها أم أبوا واعني بها تنمية المناطقية الحزبية / كوباني وعفرين مثلا / .. فتبدو بالمحصلة وكأن الأطر قد اصبحت مشيخات وطرائق لنظريات لم تنم سوى عقول مزنرة بنزعات حزبوية مبسطة ولكنها من جديد ايضا مجزأة في نطاقات أسر / عشائرية متداخلة ، وهنا وفي العودة الى مرحلة الانطلاقة / التأسيس وذلك الشعار الكبير / تحرير وتوحيد كوردستان / وظاهرة إستهداف النظام حينها العنيف باعتقال غالبية القيادة وكوادر ونشطاء فاعلين و الحزب كان يخطو خطواته الأولى في الإرتقاء ، ولعله من الإنصاف و الذكر هنا بأن الحزب كان قد باشر في البناء الثقافي كظاهرة توعوية ومعتمدا بالدرجة الأولى كمثال على الروايات وقصص البطولات / وشخصيا فوجئت عندما سمعت من الوالد اطال الله في عمره بأن رواية الأم لغوركي  مع رواية كيف سقينا الفولاذ كانت ملزمة القراءة لمن يتقنها / .. وكانت الإنتكاسة أو التعثر الأول / حتى لا أقولها الإنكسار / واعني هنا بالضبط / سقوط أو إسقاط شعار تحرير وتوحيد كوردستان !! والتي بدورها أصبحت الحامل لجينة الإنشقاق وشتلاتها المتفرعة ، وقد ساهمت عوامل عديدة على اسقاط الشعار / وهنا برأيي المتواضع /  كان ابرزها تخبط الهيكلية الحزبية بسبب الاعتقالات المكثفة والملاحقة الشديدة لمن لم يعتقل ، وتسريب عمليات التعذيب الوحشية الممارسة بحق المعتقلين وكذلك مصيرهم الأكيد في الحكم عليهم بالإعدام وهنا يتفق الغالبية العظمى من مناضلي تلك المرحلة بأن تهديدات النيابة العامة واشكال التعذيب ما وهنت من عزيمتهم وبالعكس وبالرغم من انقطاع سبل التواصل مع قيادات خارج السجن إلا أن حالة وهن كانعكاس لخلافات شخصية كانت تمظهرت بين الراحلين د. ظاظا و عثمان صبري وكذلك حالة الرعب وارتباك القيادات في الخارج كانت تتسرب الى داخل المعتقل مما حدا بالمناضل الراحل د . نورالدين ظاظا الى ارسال رسالة مشفرة في مخاطته لشريكه الصيدلاني في احدى الزيارات وحيث ان اللغة العربية كانت هي الوحيد المسموحة فقد خاطبه قائلا : / شو انفقد عندكم دواء ميربن ؟! ميربن ميربن هو دواء فعال !! وكنتاج طبيعي للظروف المحيطة ، داخل المعتقل وخارجه وتحت ارهاب حكم الإعدام بتهمة محاولة اقتطاع جزء من … ولتفاعل اكثر من محام عربي كانوا قد انبروا للدفاع عن المعتقلين وكنتيجة لضغطهم المستمر تم طي شعار التحرير والتوحيد بمذكرة وجهها سكرتير الحزب د . نورالدين ظاظا عبر المحامي الى المحكمة ورسالتين الى قيادة الحزب / منهم من يؤكد وجود رسالتين وان لم تتمظهر غير واحدة فقط / ومن جديد أصبح الشعار بحد ذاته المشرط الذي تمأسست عليه ظاهرة الإنشقاقات المركبة والتي برع فيه جميعنا ب / دوكرتها / إن بمظاهر ايديولوجية او قضايا حقوقية ومطلبية ومعها ارتقت الأجهزة الأمنية التي تجاوزت في عملها مهام المتابعات الفردية والهيكليات التنظيمية والمطبوعات والتي لربما ازاحتها الى درجات ادنى فسعت الى تأسيس شخوص / أفراد كخلايا نائمة تنميها وتدعمها بوسائلها فيتقدم هو في الهيكليات التنظيمية الى مرحلة معينة حيث يطلب منه التحرك او دعم الموقف الفلاني لحظة ظهور ازمة بنيوية داخل حزبه ، هذه المرحلة من الخرق الأمني مورس داخل بنية الحركة السياسية الكوردية مبكرا وأصبحنا نتلمس مظاهرها العنيفة مع بدايات انقلاب حافظ أسد وتفاعلت كثيرا في الثمانينيات وان كانت ظاهرتها قد بدأت تنفضح ، ولعل الصديق بشار أمين العلي / ابو لورين / يتذكر حالة الإستجواب العنيفة لواحد من رفاقنا في حزب الإتحاد الشعبي الكوردي آنذاك أواخر الثمانينيات من قبل الأمن السياسي حيث تعرض لتعذيب عنيف وبإشراف مباشر من المجرم علي مخلوف وكان الطلب الوحيد الذي يركزون عليه هو ما ذكرناه اعلاه ، وقد بدا لنا ان الصديق بالفعل هو صادق مع نفسه و حزبه ولننكشف نحن على ضيق نظرتنا لابل وتعريفنا لعمل ودور واشكال الإرتباط بأجهزة الأمن كما وجهلنا بمهام تلك الأجهزة ومدى تغوله وخرقه لهرميات احزابنا !! وهنا من الطبيعي العودة الى ظاهرة ذلك الرفيق وعدم تعميمها فربما هو حالة الشاذة بالنسبة لآخرين خضعوا لنفس التجربة ورضخوا ؟! لابل نتذكر قصصا عن رفاق فعلا خسروا ضمائرهم !! ولكن وباختصار أفلا تقودنا هذه المسألة الى المرحلة الثانية في البناء السايكولوجي / النفسي للرفاق / القاعدة ، لابل حتى الجماهير ؟! .. وبالتالي !! أما انعكست حالة الرعب المتشكلة من رهاب مزروع وقد تأصل في سلوكية رفاق الحزب / الأحزاب كنتاج للفوبيا التي سربت من المعتقلات وغرف التحقيقات وأحيانا كثيرة كانت تضخم وتغلف بقصص وقصص وبعملية مدروسة ومتقصدة !! فيبدو الجندي الأمي كعنصر أمن فيلسوف عصره والأحزاب تريد أن تناضل / هكذا !! / بينما هي تشتغل ببراعة على استيلاد ظاهرة الجبن / الخوف التاريخي في نفوس قواعدها وكوادرها الصاعدة تحت غطاء السرية فكان الرفيق الحزبي وبدءا من الخلية يلقن بالرد فقط في استجوابات الأمن بكلا او نعم والتي ما نجت بطبيعتها / كلا ونعم ايضا من نكت وتعليقات كما وفكاهات / وكمثال بسيط يقال بانه في احد الإستجاوبات سأل المحقق شخصا ما سمك قال نعم ، سأله ثانية شو اسمك ولا ؟! قال : كلا !! فأخذ يعذبه وهو يسأل والجواب انحصر بين نعم وكلا / .. وليته الحالة اقتصرت على العناصر الخفية او غير المنكشفة على المحيط لا الوجوه المعروفة في محيطها وكمثال ايضا : رفاقي يتذكرون بأنني كنت أتواصل  مع اكثر من مئة شخصية اجتماعية بمدينة الحسكة من دكاترة واطباء ووو وكذلك مع الأحزاب الكوردية والشيوعية وغالبية الندوات أقدمها وبعضها أديرها ايضا واشرف على الفرق الفولكلورية واعطي دروسا في تعليم اللغة الكوردية واكون الأقرب الى المسرح في نوروز و … طلب مني حزبيا في عدة استجوابات انكر انتمائي الحزبي وبالفعل هذا مافعلت / .. لابل حتى في محاكم امن الدولة طلب منا جميعا التنكر للأحزاب ، وخلاصة القول هنا ان ما خلقته الأحزاب من رعب ورهاب في نفوس رفاقها بدواعي الحفاظ على سرية التنظيم وحماية الرفيق عينه كانت تتفاعل طردا في زيادة فوبيا رفاقها ورعبهم من الأجهزة الأمنية ولعلها / هذه الظاهرة / هي من اهم العوامل التي ابقت القضية القومية الكوردية في دائرتها المحلية وليبقى غير الكوردي بالمطلق عنصر امن او لربما صديق لصديق من الأمن !! …
يتبع ،

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…