الناس أجناس..!

دهام حسن
يتجلى جوهر الإنسان المناضل السياسي وحقيقته، في ظلّ النظم الاستبدادية والدوائر الرجعية، حيث تراه يكافح، ويكابد، ويتعرض بالتالي لشتى أنواع الملاحقة، وربما طاف المعتقلات وشهد التعذيب، رغم هكذا ضريبة قاسية يظلّ هذا الإنسان متمسكا بقناعاته السياسية لا يساوم عليها، وعندما يحلّ البديل، أو تقوم ثورة ضد كل هذه الأوضار، ترى إنسانا آخر رغم سوابقه في ممالأته الدائمة للسلطة، للنظام، وكتابة التقارير، تراه على رأس (الدبكة) يصرخ مناديا: (يعيش يسقط) وكأن ماضيه أصبح من الماضي لا علاقة له به..
وحقيقة بالنسبة لي بما أراه، لا أريد الإساءة لهذا الإنسان الذي تلفع برداء السلطة، والوظيفة زمنا، لكني أيضا لست من أنصار أن يتبناه ذلك السياسي (الملاعب) فيقدمه ككادر وآمر في حزبه، أو في إحدى المؤسسات التابعة للحزب، كما حال الصحافة، والمناشط الكتابية، وعتبي ونقدي هنا على ذلك السياسي الحزبي المسؤول الذي يتبنى هكذا أشخاص، هكذا شاكلة من البشر، ويكون محطّ اعتماد ومسؤولية ليحول بالتالي دون تقدّم الأكفّاء والمناضلين من أصحاب الكفاءات من رفاقهم في الحزب، بل استقدام الأمّعة (الانتهازيين).. 
فالانتهازي لا بد أن يظلّ في صفـّك ولو لبعض حين، طالما السياسي (التعبان) اعتمده كادرا “ثوربا”.. وفي هكذا حالات يقول لينين: (الثوري ليس ذلك الذي يغدو ثوريا عند هجوم الثورة، بل ذلك الذي يصبح ثوريا في ظلّ تسلط الرجعية، ويذود عن مبادئ وشعارات الثورة)..
ربما أحدنا ينظر إلى إنسان ما من هذه الشاكلة بأنه إنسان (طيّب) في سلوكه وتعامله، لكننا نقول كما قال من سبقنا : ما دخلُ الطيبة هنا .! الأفضل أن نقول: ما هو الخطّ السياسي في سلوكه وتعامله..؟! فالإنسان الذي مضى في هذا السبيل، وانخرط في هذا المسلك إما عن ضعف، أو عن قصد وحساب، ورغم الفارق بين الحالتين، فلا فرق يذكر على الصعيد السياسي والنتيجة، لكن .. أين مصداقية المسؤول الحزبي الذي يعتمد على هؤلاء عن قصد ليتخذهم مطايا في خدمة أجنداته وما يدور في خلده، ولإقصاء أصحاب الكفاءات، الذين ربما نافسوه في المراتب الحزبية..
هذه كانت حصيلة مؤتمر أحد أحزابنا، فاستغني عن بعض الكواسر، وأوتي ببعض الكوادر الضعيفة المهيضة الجناح، الخجولة جرّاء ماضيها الملتبس وخشية من أن ينبش ليعلم الجميع في أي وكرِ كانوا يرتاعون، وربما كشفتهم الأيام كلصوص، وإن غدا لناظره قريب..!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…