الاستفتاء بين الحلم و الواقع

علي جعفر
بموجب تصريحات الرئيس مسعود البارزاني، و بعض قادة و مسؤولي الديمقراطي الكوردستاني فإنه حتى أواخر العام الجاري يجب إجراء الاستفتاء من قبل شعب جنوب كوردستان ما إذا كان يجنح إلى الاستقلال أو يفضل البقاء ضمن العراق الحالي. و لكي يكون الاستفتاء ناجحاً لصالح الاستقلال يجب أن تتوفر ثلاثة عوامل أساسية، و هي:
1- العامل الذاتي: و يعني أن تكون كافة، أو لنقل الأغلبية الساحقة من مكونات الشعب و القوى التي تمثله متفقة على إجراء الاستفتاء. 
2- العامل الاقليمي:  يجب أن يكون موقف الدول المجاورة للدولة المزمع إعلانها ايجابياً و مؤيداً لحق تقرير مصيرها. أو على الأقل يجب أن لا تعاديها.
3- العامل الدولي: يجب كسب الـتأييد و الاعتراف الدولي بالدولة المزمع إعلانها. أو على أقل تقدير بعضها المتنفذة في الأمم المتحدة، و خاصة الدول التي تستعمل الفيتو.
للأسف لا نرى توفر أي عامل من العوامل الآنفة الذكر، فالحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة الرئيس مسعود البارزاني يكاد يكون لوحده مصراً على إجراء الاستفتاء و إعلان الاستقلال في الوقت الحالي، و إلى حد ما الاتحاد الإسلامي الكوردستاني. أما باقي الأحزاب ( الاتحاد الوطني و حركة گوران و الجماعة الإسلامية و غيرهم ) فلسان حالهم يقول بأن الظروف و الأوضاع الداخلية و الاقليمية و الدولية لم تحن بعد لإعلان الاستقلال، و أن مصلحة الكورد في الوقت الحاضر هي البقاء ضمن العراق الحالي. 
و بخصوص موقف دول الجوار: فتركيا موقفها غامض. و أغلب الاحتمال أنها لن تُقدم على الاعتراف بتشكيل دولة كوردستانية، هذا إن لم تحاربها سراً. أما موقف نظام الملالي في إيران فهو ضد إعلان الدولة. و قد سبق أن هددت و على لسان أكثر من مسؤول أنها ستعمل لمنع الاستفتاء و تحقيق الاستقلال، و ما قصف المناطق الحدودية من جهة جنوب كوردستان في الآونة الأخيرة إلا رسائل تحذيرية و استباقية، و سجل الجمهورية الإسلامية الإيرانية مليء باغتيال القادة و المناضلين الكورد. بل هي أكبر الدول و أكثرها بامتياز في رعاية الإرهاب، و عليه فهي تحاول، و ستحاول خلق المزيد من المشاكل و القلاقل الداخلية لجنوب كوردستان و ذلك لاجهاض مشروع الاستقلال. و إذا شعرت بأن مساعيها لن تتكلل بالنجاح، فليس مستبعداً أن تلجأ إلى اغتيال الرئيس مسعود البارزاني. حيث صرح أحد مسؤولي النظام الإرهابي الإيراني بأن مسعود البارزاني يريد تشكيل ( دولة برزانستان ) و أن إيران لن تسمح له بذلك.  
أما موقف النظام السوري رغم انشغاله بالحرب الداخلية إلا أنه يبقى معارضاً  لفكرة الاستقلال  تناغماً مع الموقف الايراني. و الموقف العراقي معروف للقاصي و الداني في رفضه لفكرة الاستفتاء. 
فيما يخص الاعتراف الدولي: لم تعلن أي من الدول العظمى استعدادها للاعتراف بتشكيل الدولة الكوردستانية المستقلة، إلا إذا كان لدى الرئيس مسعود البارزاني ضمانات لا يريد الكشف عنها حالياً. 
في جميع الأحوال، و في ظل الظروف الحالية من الصعب إنجاز الحلم الكوردي في الاستقلال. و إذا أرادت الأحزاب و الحركات الكوردستانية في الجنوب تحقيق هذا الحلم فأمامهم طريق واحد، و هو الترفع عن الخلافات الحزبية التي لا تجدي نفعاً لأحد، و تقديم تنازلات جريئة و شجاعة لبعضهم البعض، و أولهم الديمقراطي الكوردستاني.  
22/8/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…