الانتهازية وما أدراك ما الانتهازية..!

دهام حسن
سآخذ لفظة الانتهازية دوما بجانبها السلبي، وكثيرا ما أستخدم لفظة مرادفة
لها في كتاباتي، وهي الأمّعة للجمع، والأمّعي للفرد الواحد، والأمّعي هو من
لا رأي له ويتبع كلّ رأي يعرض عليه، فتراه اليوم معك وغدا ضدك، هي على
العموم خصلة مذمومة لاسيما سياسيا، والانتهازية هي سمة الإنسان الضعيف غير
الصادق، فالمثقف الضعيف الكيان، المهزوز البنيان، الرديء البضاعة، تراه
مذعنا يؤجر قلمه ولسانه لهذا أو ذاك، والسياسي الضعيف، تراه يمضي يمينا
أو شمالا، فيصفّق لهذا أو ذاك دون موقف، ثلاثة من (أصدقائي) الانتهازيين
ذمّوا بعض السياسيين من القيادة، وفي المساء جاء من يخبرني بأنهم كانوا
مجتمعين على مائدة أحد هؤلاء لحضور وليمة فراحوا يلوكون ما تيسر لهم من
طعام وشراب.. فهنيئا للانتهازيين، بهذه القعدة المخملية…
من سمات الانتهازي، ضعف الشخصية، ذلة النفس، التهافت على مجالس أصحاب الشأن، الانتهازي عاجز عن نشدان الحق والحقيقة، تراه يمتهن الكذب ربما لضعفه على العموم حتى يغدو الكذب خصلة ملازمة في شخصيته، فيلوك ويعبّ منه ما لذّ له وطاب، تراه يختلق حكايات ليكبر من شأنه، في أيّ مجلس حلّ يأخذه الشكّ بأن الناس يحكون عنه بالسلب.. 
الانتهازي يسعى جاهدا للتقرب ممن هو أعلى منه مرتبة، فيتودد إليه عسى أن يحظى برضاه وتذكيته فقبوله، ثم ينوخ أمامه كالقعود، الانتهازي ضعيف الشخصية ذليل، فتراه يلجا إلى الكذب ليغطي به عجزه وضعفه، فمهما ارتقى لا يفارقه هذا العجز هذا النقص في كينونته مهما اعتلى وتدرّج في المواقع لأن ثمة من يفوقونه ولأنه حقيقة غير أهل لمثل هذه المراتب…
الانتهازي تراه يتخلى عن قناعاته وعن حزبه إذا تيسر له موقع آخر في حزب آخر أكبر من حزبه عددا ومالا حتى لو ناقض حزبه وغايره منهجا وفكرا، لكنه لصّغره لا يرقـّيه الموقع الجديد لعقدة النقص فيه، ويحلو له أن يغدو رغم موقعه الرفيع الجديد أن يغدو كسائق لدى السكرتير الجديد، فهنيئا له بهذا المنصب الجديد..
أخيرا ترى هل وفيت الانتهازي حقه.؟ لا أظن ذلك.. ولو صدّق الانتهازي لقال واحدهم وأضاف الكثير الكثير.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…

عبد الجابر حبيب ـ ذاكرة التهميش ومسار التغيير بعد عقدين من اندلاع الأزمة السورية، وتحوّلها من انتفاضة مطلبية إلى صراع إقليمي ودولي، ما زال السوريون يتأرجحون بين الحلم بوطن حر تعددي عادل، وبين واقع تمزقه الانقسامات، وتثقله التدخلات الأجنبية والمصالح المتضاربة. سوريا اليوم لم تعد كما كانت، لكن السؤال يبقى: إلى أين تسير؟ وهل ثمة أمل في التحول نحو…

حوران حم في زوايا الحديث السوري اليومي، في المنشورات السريعة على مواقع التواصل، في تصريحات بعض “القيادات” ومواقف فصائل تدّعي تمثيل الثورة أو الدولة، يتسلل الخطاب الطائفي كسمّ بطيء، يتغلغل في الروح قبل أن يظهر في العلن. لم تعد العبارات الجارحة التي تطال الطوائف والأقليات، والمناطق، والمذاهب، تُقال همساً أو تُلقى في لحظة غضب، بل باتت تُصرّح جهاراً، وتُرفع على…

إبراهيم اليوسف لم يكن، في لحظة وطنية بلغت ذروة الانسداد، وتحت وطأة أفق سياسي وأخلاقي مغلق، أمام الشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء، كما يبدو الأمر، سوى أن يطلق مكرهاً صرخة تهديد أو يدق طبول حرب، حين ألمح- بمسؤوليته التاريخية والدينية- إلى احتمال طلب الحماية الدولية. بل كان يعبّر عن واحدة من أكثر المعضلات إلحاحاً في واقعنا…