س1- من الفضائية : ما هو دور الطاولة المستديرة في تحقيق وحدة الصف الوطني ( المعارضة الوطنية ) ؟
ج- لا شك أن وحدة صف المعارضة هي أهم معضلة تواجهها قوى المعارضة السورية ، فالسلطة السياسية في البلاد قد اعتمدت منذ عقود من الزمن خطاباً سياسياً شمولياً وإنشائياً مله وسئمه الشارع السوري إلى درجة فقدان الثقة بهكذا خطاب ، ولم تعد لديه الرغبة والاستعداد للاستماع إليه والثقة به حتى لأكثر الوعود قرباً من أحلامه وطموحاته ، لذلك أتمنى أن لا تقع المعارضة في نفس الفخ وتنتهج نفس أسلوب الخطابات الإنشائية ، فلا بد من أن تشخص بدقة واقع المجتمع السوري ( سلطة ومعارضة ) والانطلاق منه ، فهناك طرفا معادلة ؛ الأول يتمثل في السلطة التي تؤكد سلوكها يوماً بعد يوم وعدم اكتراثها بقضايا الشعب الجوهرية وانصرافها بشكل أساسي إلى الأسلوب الذي يثبت ويرسخ سلطتها وهيمنتها ورفضها لجميع النداءات الوطنية المطالبة والداعية إلى تحقيق الإصلاحات الضرورية ، لذلك أوصلت البلاد إلى حافة أزمة حقيقية على جميع الصعد ، وولدت احتقاناً وسخطاً شعبياً متزايداً ، ومطالبة عامة وملحة بضرورة التغيير الديمقراطي السلمي في سوريا وتحقيق الإصلاحات التي باتت ضرورية وغير قابلة للتأجيل .
س2- رغم أن الفكرة العامة المطروحة من مختلف شرائح الشعب السوري وقوى المعارضة المطالبة بضرورة التغيير الديمقراطي وتحقيق الإصلاحات ، نتساءل ماذا فعلت المعارضة ؟ وماذا تفعل الآن ؟ وماذا ستفعل بالمستقبل ؟
ج- أعتقد أنه سؤال جوهري ويشكل لب القضية التي يجب البحث عنها والخوض فيها وبالتالي وضع القواعد الضرورية للانطلاق نحو تحقيق التغيير الديمقراطي السلمي المنشود ، ولكن وكما أن السلطة تعيش في أزمة مع الشعب ، فإن المعارضة تعيش علاقة غير طبيعية في ما بينها ( لا أريد تسميتها أزمة ) ولكن هناك قضايا مصيرية وجوهرية تخص فئات وشرائح وبعض مكونات المجتمع السوري ، وأعتقد أن أية قضية وطنية تخص أي مكون سوري يجب أن تخص المعارضة كلها وهي بحاجة إلى إيضاحات وبحاجة إلى حلول ميدانية وإلى اتفاق وتفاهم حولها ، لذلك أعتقد أن بداية التغيير ( أو الخطوة الأولى للتغيير ) تبدأ من توحيد صفوف المعارضة ، هذا التوحيد الذي يجب أن ينطلق من خصوصية المجتمع السوري كونه مجتمعاً متعدد القوميات والأديان والثقافات ، فإذا لم تقر المعارضة بهذا الواقع وتطالب بتأجيل هذه القضية أو تلك وعدم البت فيها إلا بعد تحقيق التغيير المنشود ، فهي بذلك تسلك نفس سلوك السلطة ( البعث ) التي تريد تأجيل جميع قضايا الوطن المصيرية حتى تحقيق أهدافها في ( الوحدة والحرية والاشتراكية) لذلك فإن الخطوة الأولى للتغيير تبدأ بتوحيد صفوف المعارضة على قاعدة قبول كل طرف للآخر بخصوصيته والقوى التي يعبر عنها ، فمثلاً ( الشعب الكردي التواق للديمقراطية لا يمكن أن يساهم في التغيير الديمقراطي السلمي المتدرج إذا لم تقر المعارضة السورية بحقوقه القومية المشروعة انطلاقاً من كونه شعباً يعيش على أرضه التاريخية ويشكل القومية الثانية في البلاد ، وإقرار ذلك دستورياً ) وأعتقد أن ذلك ينطبق على جميع مكونات الشعب السوري ، لذلك فإن حل الإشكاليات الموجودة بين أطراف المعارضة ذاتها يعتبر خطوة هامة وعملاقة باتجاه توحيد صفوف المعارضة ، وبالتالي باتجاه تحقيق التغيير المنشود .
س3- ما هو التوازن الديمقراطي ؟ وكيف تقرأه ؟
ج- بالنسبة إلى التوازن الديمقراطي فهو يعني عندي مشاركة جميع مكونات الشعب السوري بمختلف تياراته وقومياته في تحقيق الديمقراطية بغض النظر عن عدد هذا المكون أو ذاك ، أو ثقل هذا التيار أو ذاك ، بل إشراك الجميع على قاعدة المساواة الفعلية بين جميع مكونات المجتمع السوري ( في الواجبات والحقوق ) مهما كبر حجم هذه المكونات أو صغر وذلك بأن يشارك الجميع في رسم السياسات والآليات التي تحقق التغيير الديمقراطي السلمي ، وكذلك في وضع الدستور الذي يؤمن للكل حقوقه كاملة بعد التغيير على أن يتم الاتفاق على هذه الحقوق وإقرارها في برامج المعارضة قبل إنجاز التغيير المنشود ، ولذلك فإن الحاجة الآن ماسة إلى عقد مؤتمر وطني على أن يشارك فيه ممثلو جميع مكونات الشعب السوري وتياراته الفكرية والسياسية والقومية على قاعدة التكافؤ الفعلي بين الجميع دون وصاية أو هيمنة من أية جهة مهما كان دورها ونفوذها والاتفاق من خلاله على برنامج واضح وشفاف وديمقراطي للمعارضة يحقق الشروط السابقة الذكر ، ثم البدء بالعمل على تطبيق هذا البرنامج على أرض الواقع من خلال طرح برنامج المعارضة المذكور على الشعب السوري عبر مختلف وسائل الإعلام التي تملكها المعارضة بغية إيضاح برنامجها للشعب السوري صاحب المصلحة العليا في التغيير ، وبالتالي حشد أكبر تجمع شعبي ممكن حول برنامج المعارضة ، وبذلك نخطو الخطوات الأولى نحو بناء سوريا حديثة ، سوريا دولة لجميع مواطنيها وشعوبها ، وليست ملكاً لحزب واحد كما هو الحال .
Menu
Menu
