لماذا لا تؤسس حزبا..!

دهام حسن
عندما أستعرض واقع الحركة السياسية الكردية في سوريا ممثلة بأحزابها القومية، يعترضني هذا السؤال اللاهب اللاسع، ترى هل يمكن تسمية هذه التنظيمات الهشة فعلا بأحزاب إذا استثنينا حزبا أو حزبين.؟ وهذا ما حداني للعودة إلى أكثر من قاموس للتعريف بالحزب.. يقول أحد المعاجم الفلسفية من أن (الحزب تنظيم سياسي يضمّ الفئات الأنشط بين فئات الطبقة المعنية، ويعبر عن مصالحها، وأهدافها، ويقود نضالها في سبيل تحقيق هذه الأهداف وترسيخها) وثمّة تعريف آخر مماثل من مصدر معجمي آخر يرى من أن (الحزب تنظيم سياسي يوحد الممثلين الأكثر نشاطا لطبقة معينة، ويعبر عن مصالحها، ويقودها في الصراع الطبقي) ومن أن الحزب السياسي هو (الجزء الأكثر فعالية لطبقة، وتنظيما من طبقة ما، أو فئة ما، ويرتبط وجود الأحزاب السياسية بانقسام المجتمع إلى طبقات، وعدم تجانس هذه الطبقات.. والأحزاب السياسية من أهمّ الأدوات التي تستخدمها للنضال في سبيل مصالحها الطبقية..)
من خلال هذه التعريفات المتداركة، نلتقي بحقيقة من أن الحزب يأخذ طابعا طبقيا، في حين أن الطبقة البرجوازية تنفي هذه الحقيقة، من أن تأخذ الأحزاب لبوسا طبقية، فترى في الحزب ما هو سوى تجمع لآراء متناغمة في مرحلة ما حول بعض المسائل الآنية أو المرحلية، ومن نافل القول هنا التنويه من أن بعض العلماء أرخوا لميلاد الأحزاب من أنها وليدة الحقبة البرجوازية فجاء تاريخها مواكبة والثورة الفرنسية عام 1789م ..
ترى هل هذه الأحزاب تحمل سمات الحزب السياسي، له برنامج، ونظام داخلي، وقبل هذا وذاك سكرتير وكوادر وتمويل.؟ من جانبي تمنيت لو وجد تنظيم سياسي ما بسمات حزب حقيقي ولو على أساس برنامج متواضع، حزب جاد وجدّي يمتلك كوادر وأعضاء بعيدين عن السمة الخضوعية، يهتدي بفكر ولديه قناعات، لكن الواقع يفنّد ذلك، فما هو ماثل أمامنا لا يعكس ذلك، فممثلو الحزب أعضاء مغمورون قليلو الفاعلية ودون إرث معرفي ولا نشاط يذكر، لا ترى في الحزب غير وجه السكرتير بقوام قزم، غيّر ماضيه السياسي من إلى..! ينقاد لمموّل هو الآمر الناهي وإن حاول التبرؤ من (التهمة) فمن المعلوم من يأكل من مال السلطان يحارب بسيفه كما يقول المثل.. مثل هذا الحزب أو ذاك القائد يضحك على نفسه وعلى الآخرين إن لم يقرّ بهذه الحقيقة الساطعة.. ولو أنه اعتزل العمل السياسي لحظي باحترام الناس له، لكنه استلذّ الذلّ ولم يتعلم التضحية.!
عشرات الأحزاب في مدينة القامشلي وحدها، لكن دون ضوابط، دون قوام، ولا هيكلية تنظيمية، يعرف الحزب من خلال سكرتير خاوٍ.. تاريخ ملتبس، وفكر مشتت، يضرب ذات اليمين وذات الشمال..كيف انتظم كيف التزم، فهل السياسة مراهقة أم هي عمل ونضال وتضحية.. هذا ما ذكّرني بأحد أصدقائنا الظرفاء، عندما جاءه أحدهم يسأله كيف له أن يصبح شيوعيا، فردّ علي صاحبنا هذا في الحال :(البس كرافتة حمراء واكفر بالدين تصبح شيوعيا)..
أقول أخيرا… إذا كان القادة (العظام) المسؤولون الأقزام مستفيدون من هذا الواقع، فما بال المثقف يغمد قلمه فيظل ساكتا مترقبا رزقه من الفتات، فهيهات للغنى في الإصلاح بعد الممات ..هيهات هيهات..!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…