تداعيات الانقلاب الفاشل في تركيا

سلمان إبراهيم الخليل
إن محاولة الانقلاب الفاشلة التي حصلت منتصف ليلة الجمعة الماضية الواقعة في  1672016 في تركيا والتي قادها مجموعة من ضباط الجيش التركي، والذين يعتقد إنهم ينتمون إلى ما يسمى بالكيان الموازي في الدولة والذين يتهمهم الرئيس التركي اردوغان بأنهم من أنصار الداعية ورجل الدين التركي فتح الله غولن المقيم بأمريكا والذي يتهمه اردوغان بأنه استطاع على مدى أربعين عاما أن يتغلغل أتباعه في الجيش والقضاء والكثير من مفاصل الدولة التركية، أعتقد أن هذه الانقلاب الفاشل سيكون له تداعيات هامة أولا: على الصعيد التركي من المرجح أن يكون هذا الانقلاب ذريعة قوية جدا لاردوغان  للحد أكثر وأكثر من صلاحيات المؤسسة العسكرية والتي كان قد بدا بها منذ سنوات، وكذلك التخلص من الضباط الكبار المناوئين لسياساته، وكذلك في سلك القضاء الذي يثير حفيظة اردوغان، لأن القضاء لم يسهل مهمته في تفكيك منظمة الخدمة التابعة لخصمه فتح الله غولن،
لذلك ليس غريبا أن يبادر اردوغان  خلال 24 ساعة فقط بعيد الانقلاب إلى عزل أكثر من 2700 قاض حسب قناة إن تي قي التركية ، وأشار رئيس الوزراء التركي إلى إن السلطات التركية اعتقلت أكثر من 2839 عسكريا بينهم ضباط من رتب مختلفة  وعالية متورطين في عملية الانقلاب وكذلك هذا الانقلاب يضع الجميع  الشعب والمعارضة والنظام  في تركيا أمام ضرورة  تعزيز دولة المؤسسات ،والابتعاد عن الخيارات العسكرية التي تأخذ البلاد نحو الهاوية والتمسك بالقيم الديمقراطية، ويمكن لاردوغان البناء على واقع إن جميع الأحزاب اضافة الى الشعب دعمته ضد الانقلاب ،ويمكنه أن يبدا عهدا جديدا من التوافق، وقد تكون فرصة مناسبة أيضا لاردوغان لمراجعة سياساته الداخلية والخارجية وهو قد بدأها فعلا على الصعيد الخارجي منذ مدة قصيرة وتقديم بعض التنازلات، كذلك المضي قدما نحو المفاوضات والمسار السياسي لحل القضية الكردية في تركيا بالطرق السلمية ، كما ستكون الحكومة التركية أمام ضغوط شعبية كبيرة لإعادة تقييم ومراجعة لسياساتها الخارجية التي انعكست على الداخل لتركي سلبا، لكن بالمقابك هناك تخوف من أن يستغل اردوغان هذا الانقلاب الفاشل لتعزيز حكم الرجل الواحد لكن هذا يبدو مستبعدا بعض الشيء، لأنه أي اردوغان سيخرج ضعيفا بعد الانقلاب ، وغير قادرا على خوض معارك داخلية وخارجية تضعف من دور تركيا وتهدد وحدتها. ثانيا على الصعيد الإقليمي والدولي: برهن هذا الانقلاب بان منطقة الشرق الأوسط تمر بحالة من الفوضى والاقتتال وعدم الاستقرار الداخلي لدولها والذي يلقي بظلاله وانعكاساته السلبية على الدول الأوربية وبقية الدول الكبرى، كل ذلك بسبب استفحال الإرهاب والاستبداد في سوريا وعدم إيجاد حل سياسي للازمة السورية، لذلك أعتقد بأن الدول الفاعلة في الأزمة السورية وعلى رأسها أمريكا، مطالبة  بالإسراع في انجاز العملية السياسية في سوريا ، لآنه كلما طالت هذه الأزمة ستصل تداعياتها الكارثية إلى الدول الغربية وحلفائهم في منطقة الشرق الأوسط 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…