حواس محمود*
بعد توقف العمل الكردي المسلح لمدة 23 عاماً عادت الاشتباكات المسلحة لقوات الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني (وقوات أخرى تابعة لأحزاب كردية متعددة معارضة للنظام الايراني) عادت للصراع المسلح مع قوات الحرس الثوري الايراني، وتأتي هذه الاشتباكات بعد سلسة عمليات قمع قاسية وإعدامات متواصلة بحق الشباب الثوري الكردي كما والشباب العربي وعدة قوى أخرى معارضة للنظام الايراني.
كان للتحرك الكردي في كل من ايران وسوريا وكذلك حصول اقليم كردستان العراق على الفيدرالية منذ عام 2003 بعد سقوط نظام صدام حسين، كان لهذا التحرك الكردي في اجزاء كردستان الاخرى الاثر البالغ في الاشتباكات الاخيرة، مع وجود إعدامات متواصلة للشباب الكرد في ايران منتمين لعدة احزاب كردية فيها، وتجدر الاشارة الى ان كرد ايران البالغ عددهم اكثر من عشرة ملايين يناضلون من اجل حكم ذاتي كردي منذ عقود طويلة، فكانت لهم دولتهم جمهورية مهاباد الديموقراطية عام 1946 وكانت مدعومة سوفياتيا وتم افشالها بعد 11 شهراً واعدام القاضي محمد.
وبعد انتصار الثورة الايرانية عام 1979 على نظام الشاه جرت معارك كبيرة بين كرد ايران والحكومة الايرانية التي كان زعيمها الروحي اية الله الخميني الذي تنصل من وعوده للكرد ولغيرهم من الفصائل المساندة له في القضاء على نظام الشاه وكانت ابرزها منظمة مجاهدي خلق التي كان يتزعمها مسعود رجوي (الآن تقودها زوجته مريم رجوي – المقيمة في باريس)
كما ان مخابرات النظام الايراني قد قامت بعدة عمليات اغتيال لقادة الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني وعلى رأسهم عبدالرحمن قاسملو زعيم الحزب الديموقراطي الكردستاني في فيينا عام ، وصادق شرفكندي في برلين عام 1992.
الآن مع الاشتباكات الجديدة تحاول ايران ايهام العالم عبر تصريحات قادة الحرس الثوري وغيرهم من المسؤولين الايرانيين انها بتدخلات خارجية والمقصود هو اقليم كردستان العراق الذي يحضر زعيمه مسعود البارزاني لاعلان اقيلم كردستان دولة مستقلة، وفي الآن ذاته يوجهون التهديدات لاقليم كردستان العراق بالتدخل علماً ان السلطات الايرانية تقوم بقصف المناطق الكردية العراقية المتاخمة للحدود الايرانية وتتسبب بقتل وهجرة الكثير من المواطنين سكان تلك المناطق، الا ان الرد من مسؤولي اقليم كردستان العراق كان قويا بأنهم يرفضون التهديدات الايرانية وجاء الرد بدعم أميركي عبر تصريحات اميركية ترفض هي الأخرى تهديدات ايران للاقليم.
ان استمرار الاشتباكات مع النظام الايراني له اهمية سياسية قصوى، في ظل الظروف الراهنة التي تتدخل فيها ايران في عدة بلدان عربية بالمنطقة كما هي تحاول الضغط على تركيا واقليم كردستان، كما ان الخطورة كامنة في عملية الاستمرار هذه ، اذ تستنزف
ايران في سورية واليمن ولبنان من خلال مجموعات وميليشيات شيعية تابعة لها، ويحدث هذا في ظل تذمر الشارع الايراني من استمرار التدخل الايراني في سورية اذ وردت الأنباء مؤخرا أن مظاهرات بيوم القدس قد احتجت ضد النظام الايراني في اصفهان ثاني اكبر المدن الايرانية بوقف التدخل الايراني والانسحاب من المستنقع السوري بسبب الازمة الاقتصادية التي حدثت بفعل التدخل الهائل في سورية.
نحن لا نعرف بالضبط هل ستستمر هذه الأحداث بإيران ام لا، لكن ان استمر الصراع الكردي الايراني فهو بالتأكيد سيجر صراعات أخرى معه الى ميدان ايران العسكري والسياسي وبخاصة ان حدث ما يماثله في عربستان وتلقى عرب ايران دعماً عربياً وبخاصة من دول الخليج (والفرصة متاحة لإيقاف التمدد الايراني بالدول العربية من خلال ارباكها داخليا) فإن ايران ستضطر الى التوقف عن التدخل في شؤون غير دولة عربية وقد تلجأ الى التفاوض مع المملكة العربية السعودية من أجل الوصول الى اتفاق سياسي يتفق فيه الطرفان على احترام كل دولة سيادة الدولة الاخرى، وان تتوقف إيران عن تحريك ميليشيات ومجموعات شيعية في بعض الدول العربية كلبنان وسورية واليمن.. الخ.
لا يمكن لقوة باغية ظالمة ومارقة في المنطقة تهمل مواطنيها بالداخل اقتصاديا وخدميا وتمارس القمع والبطش وتتدخل في دول المنطقة، اقول لا يمكن لها ان تنتصر في معركة كسر الارادات وصراع طائفي مقيت مع تدخلات اقليمية واسعة لا سيما وانها تدخلت لقمع اكبر ثورة شعبية في المنطقة والعالم (الثورة السورية) ضد اكبر نظام دكتاتوري في المنطقة.
فحركات الشعوب وان تم التدخل لقمعها وايقاف عجلة التغير فيها ومحاولة تغيير صفتها ومسارها من ثورة شعبية عارمة ضد نظام متسلط وطاغ الى الايهام بأنها حركات مسلحة وارهابية، وتسخير الاعلام المحلي والاقليمي والدولي لنشر هذه الصورة السلبية وترويجها، لا يمكن ان تتوقف عن المطالب الاساسية التي قامت من اجلها ولا ان تتخلى عن الاهداف الكبرى التي انطلقت من اجلها.
ايران الآن تبدأ بالدخول في العد التنازلي بعد خمس سنوات من التدخل في الثورة السورية وستخسر ربما الحكم في ايران مع تفاقم التناقضات الاقتصادية والسياسية في ايران اذ تتعانق عوامل التفتت والانهيار الداخلية مع العوامل الخارجية الاقليمية لتضيّق الخناق على رقاب رجالات سلطة الملالي الايرانية، وبكل تأكيد ان استمرت الصراعات الداخلية وانتشرت في اكثر من منطقة بإيران فيعني ذلك من دون شك أنها بداية النهاية لسلطة الخامنئي الدكتاتورية والمتخلفة في آن.
* كاتب كردي من سوريا
المستقبل اللبنانية