مومياءات الاستبداد.. شواحن الإرهاب..!

شـــــريف علي  (*)
سقطت المنظومة المستندة على الاستبداد الستاليني, التي سمت نفسها بالاشتراكية، وبدأت تتهاوى بعدها أركان المنظومة الاستبدادية للأنظمة الحاكمة الدائرة في فلكها الواحد تلو الآخر, وما بقي منها لجأت إلى تبني سلوكيات أكثر قمعا وهمجية لتمارس بحق شعوب البلدان التي تحكمها درءا للسقوط وحفاظا على ما اغتصبته طوال عشرات السنين، وهذا ما دفعها إلى استغلال كل صغيرة وكبيرة من مقدرات تلك البلدان وفي مقدمتها العقول التي تم تدجينها وأعيد إنتاجها بالشكل الذي يناسب مقاسات تلك الأنظمة مسخرة إياها لخدمتها إن كان بشكل الموالاة أو بشكل المعارضة في أحسن الحالات وعند الضرورة قد تقنع بلباس المعارضة المسلحة ضمن آلية خسيسة لتمييع المعارضات الحقيقية وتدنيس كرامة الشعوب الثائرة وسوريا بثورتها ونظامها الحاكم ومعارضتها بشقيها السلمي والعسكري وعلى مختلف مشاربها ليست سوى النموذج الأمثل لما أتينا عليه وبالتالي لا بد أن يكون هناك انعكاسات وتداعيات مباشرة لمثل هذه المعادلة على خارطة الصراع في سوريا 
وتبدو بصورتها المباشرة والفاقعة وتكشف القناع عن حقيقتها بين الحين والآخر، من خلال عناصر اعتبرت أساسية في تلك المعادلة وأوكل إليها أن تلعب دور المعارضة في سياق الثورة الشعبية التي دخلت عامها السادس، لكن الحقائق والثوابت من السلوك والقناعات لا بد أن تنكشف عاجلا أم آجلا لتظهر الوجه الحقيقي لكل من تنقع بوجوه بعيدة عن ما هو مؤمن بها، أو تسلق طرقا غير الطريق الذي تمرس في السير فيه. لنجد في نهاية المطاف أن أمثال هؤلاء يتحفون من غرر بهم بنظريات وتفسيرات لأخرى تضعهم  بالمعايير السياسية في مصاف المومياءات التي إن نطقت فلا تتجاوز أن تصف ما كانت عليه في الأيام الغابرة وهذا هو حال العديد ممن زج بهم في صفوف المعارضة السورية، علمانية كانت أم غيرها ممن ضاق بهم الحال بعد أن ترسخ إرادة المجتمع الدولي بضرورة الإقرار بحق الشعب الكوردي في تقرير مصيره على ما له تاريخيا من بقعة جغرافية ألحق حديثا بما سمي بالدولة السورية  لينضح هؤلاء من أمثال أسعد الزعبي وميشيل كيلو وآخرين لم يرفعوا بعد اللثام عن وجوههم ، لينضحو خفايا البذور التي أسسوا عليها تفكيرهم وثقافتهم الاقصائية في ظل نظام استبدادي مرتكز على القمع والإرهاب الشوفيني، ويطلقوا العنان لخيالاتهم الموبوءة بالفكر العنصري المنافي للحقائق التاريخية الدامغة لينطلقوا منها باتجاه تأليب الشارع العربي على أرضية ما أفرزته سياسات التعريب والصهر القومي والمشاريع العنصرية التي رسم لها وقام بتطبيقها الحكومات التي تعاقبت على دست الحكم في دمشق، لرفض الحقوق المشروعة للشعب الكوردي وبالتالي تشتيت وحدة صف المعارضة الأمر الذي فيه المصلحة الحتمية للنظام من جهة وتشجيع ودعم سياسي وتنظيري للمجاميع الإرهابية التكفيرية ونهجها التدميري لكل ما ساهم أو يساهم في بناء الحضارة الإنسانية، والتي ترى في ذات الوقت الشعب الكوردي وطموحاته التحررية هدفا أساسيا لها، بما ينشده هذا الشعب من مبادئ الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والتعايش السلمي وحسن الجوار مع بلدان المنطقة وشعوبها باختلاف أديانها وقوميتها خاصة وأن الشعب الكوردي ومن خلال قوات البيشمركة بتضحياتها الجسيمة، كانت رأس حربة المجتمع الدولي في دحر الغزو البربري لتلك المجاميع ،وإفشال مشاريع الهيمنة والسطوة لحواضنها الاستبدادية من الأنظمة القائمة في المنطقة والأبواق الخفية والجهرية العاملة لحسابها .
   (*):  Sherifeli36@gmail.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

بوتان زيباري في رياح السياسة العاتية التي تعصف بأطلال الدولة السورية، يبدو أن الاتفاق الموقّع بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وهيئة تحرير الشام (هتش) لم يكن سوى وميض برقٍ في سماءٍ ما لبثت أن اكتظت بالغيوم. فها هو مؤتمر قَامشلو الأخير، بلغة ملامحه المضمرة وتصريحاته الصامتة أكثر من الصاخبة، يكشف عن مكامن توتّرٍ خفيٍّ يوشك أن يطفو على سطح…

إبراهيم اليوسف لقد كان حلم السوريين أن يتوقف نهر الدم الذي فاض وارتفع عداده ومستواه، تدريجياً، طيلة العقود الأخيرة، أن يُفتح باب السجون لا ليُستبدل معتقل بآخر، بل ليُبيّض كل مظلوم مكانه، أن يتحول الوطن من ساحة للبطش إلى حضن للكرامة. لقد كان الأمل كبيراً في أن تؤول الأمور إلى دولة ديمقراطية، تُبنى على قواعد العدالة والحرية والكرامة، لكن هذا…

صالح جانكو حينما يتوهم القائمون على سلطة الأمر الواقع المؤقتة بأنهم قد شكلوا دولة من خلال هذه الهيكلية الكرتونية، بل الكاريكاتورية المضحكة المبكية المتمثلة في تلك الحكومة التي تم تفصيلها وفقاً لرغبة وتوجهات ( رئيس الدولة المؤقت للمرحلة الانتقالية)وعلى مقاسه والذي احتكر كل المناصب والسلطات و الوزارات السيادية لنفسه ولجماعته من هيئة تحرير الشام ، أما باقي الوزارات تم تسليمها…

خالد جميل محمد جسّدت مؤسسة البارزاني الخيرية تلك القاعدة التي تنصّ على أن العمل هو ما يَمنحُ الأقوالَ قيمتَها لا العكس؛ فقد أثبتت للكُرد وغير الكُرد أنها خيرُ حضن للمحتاجين إلى المساعدات والمعونات والرعاية المادية والمعنوية، ومن ذلك أنها كانت في مقدمة الجهات التي استقبلَت كُرْدَ رۆژاڤایێ کُردستان (كُردستان سوريا)، فعلاً وقولاً، وقدّمت لهم الكثير مما كانوا يحتاجونه في أحلك…