صلاح بدرالدين
عندما استقبل القائد الراحل ملا مصطفى بارزاني الشاعر الكردي السوري – قدري جان – بمنزله بموسكو والذي كان ضمن وفد الحزب الشيوعي السوري الى مهرجان الشبيبة والطلبة العالمي عام 1957 وذلك بطلب من صديقه الأديب والكاتب الكردي السوفييتي – آرب شاميلوف – حيث كان البارزاني لاجئا مميزا بضيافة القيادة السوفيتية التي أكرمته في عهد الرئيس – خروتشوف – بعد عذابات مريرة عاناها هو وصحبه في جمهوريات آسيا الوسطى السوفييتية من معاملة نظام ستالين القاسية خصوصا من قادة جمهورية آذربيجان ومنهم – باقيروف – .
وخلال اللقاء طلب منه البارزاني قراءة نصوص من أشعاره فألقى أمامه قصيدة تتكرر فيها لازمة ترجمتها العربية ( قبلتنا موسكو ) فامتعض البارزاني وطالبه بالتوقف ثم نهره بالقول : ” وان لم تكن – مكة – فلماذا لاتكون قبلتنا مهاباد أو آمد أو السليمانية أو القامشلي ” ؟ .
وبما أن الشيء بالشيء يذكر استذكرت هذه الواقعة الذي سمعتها شخصيا من الراحل البارزاني الكبير عام 1967 والتي تعبر عن موقف سياسي وطني شجاع نقيض لتبعية الأحزاب الشيوعية الأعمى رغم وجوده في حمى النظام السوفييتي الذي كان يتصدر الدفاع عن شعوب التحرر الوطني آنذاك وصداقته المتينة مع قادتها فكيف الآن بموسكو القرن الواحد والعشرين والتي تتربع على عرشها الآن طغمة – بوتين – الدكتاتورية الفاسدة المسؤولة عن قتل مئات الآلاف من شعبنا وتدمير بلادنا ودعم واسناد نظام الاستبداد الأسدي منذ اندلاع الثورة السورية وأصبحت قبلة لجماعات الثورة المضادة وهرولة ضعاف النفوس ومتسلقي المعارضة السورية اليها بعد أن شهد أحدهم زورا بأن الشمس تشرق من هناك .
قد يقول البعض ولم لا فليست هناك عداوات دائمة وصداقات دائمة بين الدول والشعوب والجواب هو نعم ولكن هل غيرت القيادة الروسية موقفها من النظام ومن الثورة ومن حق السوريين في تقرير مصير بلادهم وهل اعتذرت من الشعب السوري على كل مااقترفتها من قتل وتدمير بواسطة طائراتها وأسلحتها الفتاكة بما فيها العنقودية والفوسفورية المحرمة دوليا ؟ .
ثم من هي الجهة الشرعية المنتخبة والمخولة من الثورة التي قررت الانفتاح على موسكو وارسال الوفود ؟ ومن هي الأطراف والجماعات المهرولة الى هناك ؟ أليست بغالبيتها الساحقة من – المعارضة – المدجنة المرضية عنها ( أسديا ) وأصحاب السياسات المائعة المتذبذبة ووسطاء وتجار الأسلحة وجماعات فئوية مناطقية وقبلية امتهنت السياسة كسلعة تجارية للاغتناء والبحث عن الثروة والسلطة ؟ .
أين برامج وخطط هؤلاء المهرولين حول تعزيز صمود الثورة والثوار وتعزيز صفوف المدافعين عن الوطن فنحن لم نجد شيئا من هذا القبيل سوى الدفع باتجاه الحفاظ على مؤسسات النظام وسلطته ورموزه وأن مفتاح الحل في موسكو تماما كما كنا نسمع منذ نصف قرن أن مفتاح حل قضايا الشرق الأوسط في واشنطن والآن وبعد كل ماحصل من مآسي وفواجع خلال عقود تتواطأ الادارة الأمريكية في التآمر على الثورة السورية وتنشيء فراغا مقصودا لتوجه ضعاف النفوس نحو موسكو وتل أبيب وطهران وأي مكان آخر لن يجلب سوى الندامة والاذلال .
الكرة الآن في ملعب البقية الباقية من شرفاء الثورة والمعارضة وان لم يتحركوا الآن فسيتحملون المسؤولية أمام الشعب والتاريخ ولن تفيدهم الأعذار ولا الذرائع بعد فوات الأوان ولنتخذ العبرة من صمود ثوارنا في جبهات القتال الذين يسطرون آيات التضحية والفداء دفاعا عن مبادىء الثورة في حلب وريفها وادلب وحماة وحمص والساحل وريف دمشق والجنوب ودير الزور وهم بصمودهم أحوج مايكونون الى غطاء سياسي وبرنامج عمل ودعم واسناد ولن يتحقق ذلك الا بتمازج العسكري مع السياسي عبر المؤتمر الوطني السوري المنشود .