كنا بفكر شمولي عقائدي فابتلين بآخر – الجزء الأول –

دلكش مرعي
 
تاريخياً وخلال ألف وأربعمائة سنة شل عقيدة الإسلام السياسي – عقيدة داعش – عقل الإنسان الكردي وجعله مغيبا عن مجريات الواقع ومتغيراته وأحداثه وتطوراته فلم يكن يحمل مشروعا حضارياً في الحياة بل كان مشروعه الأساسي يعد لبعد الممات وهو الحلم بحوريات الجنة وانهار الحليب والخمر والعسل ليغفو في سبات عميق في ظل احتلال المحتلين والغاصبين الذين جاؤوا من كل حدب وصوب لنهب خيرات وطن هذا الحي الميت … فهو كان يعتقد بأن كل ما يجري له من احتلال وظلم وبؤس وغزوات هو قدرٌ من السماء فالله هو الذي – يعزُ من يشاء – ويزلُ من يشاء – ويغني من يشاء – وينزع الملك لمن يشاء – وكل المصائب هي معد له مسبقاً  – قل لن يصبكم إلا ما كتب الله لكم –  … 
وكما هو معروف فعندما يحول الدين إلى عقيدة سياسية يتفرغ من محتواه الروحي ولا ينتج إلا التخدير والتيبس الفكري والتعصب والحروب الطائفية والغزوات والجهل والتخلف وغيرها من الأمور البعيدة كل البعد من الجانب الروحي الخير في الدين أي يمكن تحويل المسجد إلى مؤسسة خيرية يساعد المحتاجين وينشر ثقافة المحبة والصلاح بين الناس  وبالإمكان تحويلها إلى أكاديمية لتخريج الإرهابيين والدواعش ومخدري العقل فاستغلال الدين سياسياً في معظم مراحل التاريخ كان ينشر الدمار والخراب والحروب فعندما استغل عقيدة الكنيسة سياسياً في أوربا خيمت الجمود والتخلف والجهل خلال ألف عام على مختلف مفاصل الحياة في هذه القارة وأنتجت ثمانية حروب صليبية مدمرة بين عام ألف ومائة وألف ومائتين وحرب مذهبية دامت أربعين عاما بين الكاثوليك والبروتستانت في منتصف القرن السادس عشر قضى على أربعين بالمائة من الشعب الأوربي ولم ينتهي عصور الانحطاط والتخلف – القروسطية – في القارة الأوربية إلا بعد اندلاع الثورة الفرنسية التي وضعت حداً لسيطرة الكنيسة السياسي في القارة وأتخذت من فلسفة الإغريق وإنتاجهم المعرفي والديمقراطي وما أنتجه العلماء كنهج ومنطلق لتوجهاتهم المستقبلية وأعتمد على فلسفة – فولتير – وجان جاك رسو – ومنتوسيكو – وكوندرسية – وغيرهم من الذين طور فلسفة الإغريق  فحققوا شيئا فشيئا كل هذه الإنجازات العلمية والحضارية الهائلة المعروفة فقد قضوا على الفقر وحققوا الرفاهية لشعوبهم عبر العلم واستثمار موارد الطبيعة بشكل علمي .. فإذا أخذنا – هولندا – على سبيل التوضيح فمساحتها تساوي مساحة – كانتون الجزيرة – وعدد سكانها ستة عشر مليوناً وناتجها القومي السنوي تزيد عن ستمائة وستين مليار دولار – ونروج – التي تقع على تخوم القطب الشمالي ونهارها لا تتعدى أربعة ساعات شتاء تمتلك أعلى دخل للفرد في العالم .. اختصاراً يمكن القول بأن عقيدة – داعش – السياسية  قد هدرت الإنسان الكردي خلال ألف وأربعمائة سنة – كياناً وقيمةً ووعياً وسلوكاً  –  وقبل أن يتحرر الإنسان الكردي من هذه العقيدة السياسية المدمرة والمخدرة للعقل وعن قال الترمذي والبخاري وأبو هريرة وعن وعن عبر ألف وأربعمائة سنة ظهر عقيدة  – ماركس – أو لنقل مذهبه العقائد الشمولي في بدايات القرن الماضي في معظم مناطق كردستان ولم يكن هذا المذهب يقل خطورة من حيث النتائج عن سابقتها فهو مذهب عقائدي بغلاف فلسفي يدعي الحقيقة المطلقة وبأن الصراع في هذا العالم هو صراع طبقي يجري بين الفقراء والأغنياء وقد تبنى هذه العقيدة العديد من أبناء الشعب الكردي منذ بديات القرن الماضي بدءاً من المثقف والسياسي و حتى الإنسان العادي تبنى هذه العقيدة فتحول العديد منهم إلى جانب الاستشهاد بالأحاديث والعنعنات المذكورة إلى الاستشهاد بأقوال ماركس ولينين وأنجلز بالرغم من وجود فكر العديد من الفلاسفة بدءاً من سقراط الى دفيد هيوم إلى جون ديوي ووليم جيمس ورسو وفولتير وفي هذا العصر كارل بوبر وسارتر وغيرهم  من الذين كرسوا حياتهم من اجل بناء عقل علمي يخدم البشرية ويحررها من القيم والعقائد والمفاهيم التي تنتج الظلم والجهل والتخلف والاستبداد   .. فكما هو معروف فقد أنتج مذهب ماركس كلاً من نظام ستالين وجاوسيسكو وبول بوت وغيرها من الأنظمة الدكتاتورية في العالم  وفي هذه المنطقة أنتج نظام حافظ الأسد وصدام حسين وغيرهم من المستبدين والطغاة والقتلة …. وفي سوريا والعراق  أنتج أحزاب شيوعية معظم أعضائها وقادتها كانوا من الكرد وحتى معظم الأحزاب الكردية في غربي كردستان كانت تدعي بأنها يسارية أو تدعي بأنها تهتدي بالماركسية وفي العقود الأخيرة من القرن الماضي أنتج هذا المذهب حزب العمال الكردستاني … يتبع

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…