فن اللعب بالرجال…!

دهام حسن
إن كثيرا من سياسيينا يطلقون شعارات فضفاضة دون كفاءة فكرية، ولا احتساب لا للظروف، ولا للواقع، ومثل هذا الطرح للشعارات غير الواقعية ناجم بالأساس عن التخلف الاجتماعي والسياسي، ففيهم من يغمض عينيه عن الجانب الذاتي ويعلق كل أمله على العامل الخارجي، على الدول الكبرى، وبالتالي فليس أمامهم سوى أن يحطوا أيديهم في جيوبهم.. أقول هنا إن الأفكار عندما تأخذ بألباب الناس تتحول إلى قوة وإرادة إنسانية، والتطلع بالتالي إلى أهداف مثل الحرية والمساواة والتسامح، فغاية المعرفة هي المنفعة بتعبير فرانسيس بيكون، هذا من جانب ومن جانب آخر (فالركض وراء الشعبية عن طريق طرح الشعارات القومية لا نهاية لها سوى نهاية سيئة ـلهذاـ من الضروري جدا رؤية الجانبين الإيجابي والسلبي في المسألة القومية) كما يرى بعض المفكرين فكل شيء رهن بالواقع والزمن، فمن الضروري أن يلازم السياسي المناضل بين الدعوة للتحرر القومي، والنضال السياسي ضد استبداد من يحكمون، 
فما الجدوى بالنسبة للمواطن العادي الفقير إذا تحرر من الغريب وابتلي بنير ذوي القربى.. ألم تلاحظوا جراء الظلم المزدوج كيف انكفأ الفرد من الولاء الوطني إلى الولاء القبلي والعشائري والمذهبي، وفي هكذا حالات لم يعد للجدل السياسي من معنى ولا جدوى، فضلا عن أولئك الذين تقودهم مصالحهم الفردية..
إن الدعوة للانتقال إلى واقع يتعذر تحقيقه راهنا على الأقل هو الآخر دليل على قصر النظر، فمقياس صحة فكرة ما هو مدى ملاءمتها للواقع زمانا ومكانا، وإمكانية إسقاطها وتطبيقها على الواقع المنشود..
ومن هنا أقول للأسف لقد ابتلينا ـ راهناـ بقيادة دون رؤية سياسية، فبينهم من حظي بموقع ما جراء التكتل والمدّ العشائري والمناطقي، فراح يتنكروا لرفاق الأمس، وانكفؤوا عن النضال وانشغلوا بالمالي السياسي، والمال يحطّ من شأن جميع آلهة البشر بتعبير ما ركس..فالذين يتحكمون بدفة قيادة أحزابهم هم غير جديرين بالموقع، وهم وحدهم الخطرون على شعبهم، قال فولتير ذات يوم بمرارة (إن البشر وحدهم بين الحيوانات هم الذين نادرا ما يكونون جديرين بحكم أنفسهم) فهل السياسة بتعبير أحدهم هي فن اللعب بالرجال، لهذا يحقّ لي القول هنا (فليمت هؤلاء وليحيا فرهاد.!)
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…