الحزام العربي في الجزيرة …. الإستيلاء و الاستيطان والتملك

قهرمان مرعان آغا
على إمتداد طرفي الحدود بين كوردستان , الوطن المقسًّم ,بين شماله وجنوب غربه ,عمدت تركيا الكمالية على زرع حقول الألغام والأسلاك الشائكة , فيما عملت الدولة السورية منذ رحيل فرنسا عنها , وبحكمها العروبي ,على بناء مَكباتْ بشرية في البيئة الكوردستانية ( مع الإحترام لقدسية الإنسان ) ناتجة عن عمليات الغمر ( حسب توصيفها ) والترحيل وبالتالي الإستيطان , لإحداث تغيير وتبديل ديموغرافي  مُنجَز على الأرض , من خلال تطبيقات الحزام العنصري المتلاحقة في ظل الحكومات المتعاقبة والتي بلغت ذروتها في القساوة منذ إنقلاب البعث ودكتاتورية المجرم حافظ أسد , نعم , إنه حزام ناسف بشري ,إقتصادي , إجتماعي , متعدد الرؤوس  يهدف بالاساس إلى التطويق والإبادة ويوغل في الحرمان والتشتت ,كان له مفاعيل كارثية ولم يزل ,على حياة شعب كوردستان في الجزء الملحق بسوريا .
كان لبيان آذار 1970 وإنتصارات ثورة أيلول وإلتفاف شعب كوردستان حول قيادة السروك ملا مصطفى البارزاني وإستئناف القتال عام 1974 في الجانب الشرقي من نهر دجلة ( الكبير) وتنامي الشعور القومي التحرري بين الشعب الكوردي , أكبر الأثر في إحداث الفزع والخوف و الاستعجال  بتنفيذ مرحلة الاستيطان الأخيرة والشاملة , من قبل القيادة القطرية لحزب البعث الأسدي , في صيف 1974  , وفي أولى خطواتها بتشكيل لجنة إعمار مزارع الدولة برئاسة المدعو عبد الله الأحمد , والتي سبق أن تشكلَت تلك المزارع من أراضي الاستيلاء ,  للملاكين الكورد والتي كانت ينتفع منها الفلاحين الكورد في مناطق سكناهم في الريف الكوردستاني الواسع في الجزيرة  , كحيازات ريعية , في ظل علاقات زراعية مستقرة , يسودها العرف والتكافل الإجتماعي .
جرى الاستيطان في ظل إرهاب الدولة , في ذاك العام الذي ألهى حافظ اسد الجيش السوري , بما يسمى بحرب استنزاف كاذبة مع اسرائيل , وفي النتيجة كان استنزافاً لمقدرات الشعب السوري وهذا ما أثبته التاريخ القريب و الذي نعيش تداعاياته الآن مع وارث السلطة والحكم من أبيه في حربه المدمرة على الشعب السوري  .
ساد التوتر طول الوقت بين الملاكين والفلاحين الكورد والمستوطنين العرب من جهة أخرى , بسبب قوانين الإصلاح الزراعي المتعددة أوالمعدًّلة الجائرة و تحديد سقوف الملكية و التوسع في الاستيلاء والقضم , من خلال منع تملك الأراضي الزراعية في محافظة الجزيرة ( الحسكة) وإعتبارها منطقة حدودية بالكامل وبالتالي إلغاء بعض الملكيات والمناطق العقارية المحددة والمحررة ومنع تثبيتها على اسماء المالكين الأصليين وايقاف الدعاوي القضائية في هذا الشأن من خلال الصلاحية الممنوحة لوزير الزراعة ودائرة الاصلاح الزراعي في المحافظة , وفقاً لقوانين ثورة البعث العنصري دون تعويض أو بدل استملاك خلافاً للدستور , حيث الكثير من المعترضين على قوانين الاستيلاء و التأميم , حُكموا أمام المحاكم الاستثنائية بدواعي مناهضة أهداف الثورة .وتفنن موظفوا النظام الفاسدون في توصيف الأراضي الزراعية وشكل العلاقة : أراضي استيلاء – أملاك دولة – إنتفاع – وضع يد-إيجاروأستئجار- أجور مثل …إلخ  .
اُستثنيَ المستوطنون من قوانين منع تملك الاراضي الزراعية  في الجزيرة , حيث أصدر محافظ الحسكة قرارات التملك الخاصة بكل مستوطن في عام 2004 حسب حصته المستثمرة فعلاً و التي تجاوزت خمسة عشرة هكتاراً للشخص الواحد , بعد موافقة وزارتي الدفاع و الداخلية ( الأمن العسكري-الأمن السياسي )  وكان رداً موجعاً لإنتفاضة الشعب الكوردي في 12/آذار من ذات العام , وأُعقب بقانون 49/لعام 2008 بمنع تملك العقارات المبنية وغير المبنية خارج المخططات التنظيمية للمدن والبلدات و القرى  في الجزيرة مما أدى الى هجرة معاكسة بإتجاه الداخل السوري .
عند إندلاع ثورة الحرية والكرامة في آذار /2011 استبشر الشعب الكوردي خيراً مثل باقي مكونات سوريا بسقوط النظام  و بالتالي سقوط مشاريعه الإستثنائية العنصرية و في اولوياتها نزع يد المستوطنين عن الاراضي , وكان التوجس والخوف يخيم على تجمعاتهم , وفعلاً ترك البعض منهم حصصهم بوراً ولولا مصالح بعض المزارعين الكورد وانتهازيتهم لما تمكنوا من استثمارها بهدوء , إلا إن سلطة الوكالة ( ب.ي.د ) ومنذ بدء تمثيلياتهم الدرامية بالاستلام والتسليم في منتصف /2012 خلقوا جواً من الطمأنينة لهؤلاء المستوطنين  واشركوهم في إدارتهم الذاتية من خلال تنسيبهم في وحدات (ي.ب.ك و الاسياش ) وبذلك تحقق لهم مصدر قوة في مواجهة اي حراك من شأنه عودة الحق الى أهله ,وتعزَّز وضعهم الاستثنائي و الغير قانوني على أرضنا واصبح وجودهم أقوى من السابق على إعتبارهم مساهمين في سلطة حليف مضافة لسلطة النظام وبخلاف ذلك يساهم حلفاء الأمم والشعوب المنقرضة , في زعزعة السلم الأهلي بين الكورد أنفسهم من خلال قرارات ( قراقوش )الإرتجالية  , بينما تشتَّتَ أبناء وبنات الشعب الكوردي في الجوار الاقليمي و الدولي بسبب السياسات الكيدية  , التي يتبعونها في مواجهة تطلع شعب كوردستان سوريا في تحقيق أمانيه القومية في سوريا لامركزية , فيدرالية  . ونحن في ذكرى مرور42/سنة على الحزام العربي المشؤوم الذي يتكرر و يصادف في 24/حزيران من  كل عام .
في 22/6/2016

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…