الخارجية الأمريكية تدق الناقوس مجدداَ

افتتاحية موقع مواطنة 
خمسون ديبلوماسياً في وزارة الخارجية الأمريكية يوجهون برقيّة إلى رئيسهم “باراك أوباما” طالبين فيها: شنّ ضربات عسكريّة على نظام “بشار الأسد” رداً على انتهاكاته المتكررة لاتفاقات وقف اطلاق النار والهدن الناجمة عن القرارات الاممية, وذلك حسب ما ذكرته صحيفتا “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز”, إذ دعت البرقية المسربة إلى «الاستخدام المدروس لأسلحة بعيدة المدى وأسلحة جوية»، والمقصود صواريخ كروز وطائرات بلا طيار وربما غارات أميركية مباشرة.. الأمر الذي أثار غبطة السفير “فورد” المستقيل اعتراضاً على سياسات “أوباما” حيال دمشق, ليبدي تفاءله مصرحاً ان في عدد الموقعين ما «يثير الدهشة».
في قراءة سريعة للمشهد, يمكن القول أن نظام بشار الأسد بات في وضع أقوى عسكرياً مما كان عليه قبل عام, بفضل الضربات الجوية الروسية ضد المعارضة السورية المعتدلة كما أفاد “جون برينان” مدير «الاستخبارات المركزية» (سي آي أي) الذي تابع مؤكداً أن قدرات تنظيم «داعش» وقدرته على شن هجمات في أنحاء العالم لم تتقلص, مطالباً من موقعه الى ضرورة المزيد من الفاعلية والتأثير.
و لم يعد خافياً -إلاّ لِمنْ يضع كفه بوجه عينيه- أن الكلمة الفصل بسورية باتت للرئيس الروسي “بوتين” الذي راح يتصرف دون رادع أمريكي ولا أوربي بالطبع, وفيما يؤكد محلياً أن لا وجود يذكر لبشار الأسد ونظامه، ولا حتى لإيران، وأنَّ معظم مفاتيح القرار العسكري والسياسي أمست بيد لموسكو؛ بدءاً من التصريحات إلى إعلان الهدن وصولاً إلى السّماح لحركة قوافل الإغاثة الإنسانية الأممية بدخول المناطق المحاصرة في السّاحة السّورية.
و تخوفاً من فعالية ما يستعيد الأمريكي فيها زمام المبادرة في سورية, سارع الروس القلقين من تحول الموقف إلى إعلان سخطهم حيث صرّح “بوغدانوف” بأن مواد البرقية «لا تتلاءم مع القرارات الدولية والمشتركة، ويترتب علينا خوض مفاوضات والسعي نحو حل سياسي» في سورية.
من الواضح أن المذكرة/البرقية تلك لن تغير جذرياً موقف البيت الأبيض اليوم وقبيل رحيل “أوباما”, وهو الذي ما زال يعارض أي تدخل عسكريّ حاسم أو على نحو أعمق بالصراع السوري، ولن تحول بالتالي تركيز الولايات المتحدة عن الحرب ضد الإرهاب المركّز حالياً بتنظيم «الدولة الإسلامية» وفق الاستراتيجية التي اعتمدت بشكل رئيسيّ على “قوات سوريّة الدّيمقراطية” في عجلة مفهومة تقضي بحرمان مليشيات وقوات الاسد من شرف دحر “داعش” بسورية واستعادة السيطرة بالتالي على المناطق التي تخسرها كـ “الرقة” أو “منبج” ومستقبلاً “الباب” و “دير الزور” وهذا جيد بالطبع ويتطلب اكتمال نجاحه مشاركةً فعّالةً من فصائل المعارضة السورية المعتدلة على الارض وفي السياسة, وهذا يتطلب بدوره موقفاً أكثر حصافة من المعارضة السّورية, إذ عليها تلقف فرصة طرد “داعش” المؤاتية لتستعيد الساحة, وهذا لن يتحقق من غير نسج اوثق العلاقة مع التحالف الدولي و قوات سورية الديمقراطية بعد ان تدفع امريكا حليفها الاساسي حزب الاتحاد الديمقراطي و السماح لحرية نشاط منظمات العمل المدني والقوى الثورية والسياسية الحية في مواقع نفوذها والكف عن أية مراهنة على المحور الايراني في سورية.
قد يفسر الكثيرون تسريب هذه البرقية الآن كرسالة أمريكية قوية اللهجة في إطار وضع حد لغطرسة النظام المنفلتة والتي ضربت مطولاً عرض الحائط بكل اتفاقات وقف النار, ويمكننا القول بأسوء الأحوال, أن هذه المذكرة تؤسس لموقف أكثر حزماً عند الإدارة القادمة إن لم تغيير الكثير بالإدارة الحالية, إذ لا يمكننا فهما الآن بمثابة صحوة ضمير, حيث عودتنا السياسة عموماً والأمريكية خصوصاً على حسابات الوقائع والتأثير بها, علها ترفع بعضاً من حيف الانسحابية الأوبامية التي أعطبت دور الولايات المتحدة خلال السنوات الاخيرة, فتعيد للثورة السورية حقها ودورها وألقها المفقود في دحر الاستبداد والارهاب الاسدي والقاعدي بآن.
تيار مواطنة … 20-6-2016

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…