بين الفكر والسياسة والشأن الكردي.!

دهام حسن
من المعلوم أن السياسة تفضي بالنهاية إلى سلطة وقيادة، سواء تمثّلت هذه السلطة في دولة ما، أو في حزب سياسي، وبالتالي من الأهميّة بمكان أن يكون السياسي الذي يشغل موقعا قياديا، أن يكون مثقفا من جانب، وألآّ يتقاعس المثقف ذو الخلفية المعرفية من ممارسة النضال السياسي، مع وجوب تبعية السياسة للفكر لا العكس، لأن الفكر التابع للسياسة سوف يسوغ الممارسات السياسية الخاطئة.. من جانب آخر فانتشار الثقافة دليل على التقدم الفكري، واكتساب الناس معارف تمكنهم من النقد والحكم، فطرح أيّ مسألة سياسية رهن بتاريخيتها، وبالتالي فهو خاضع للتغيير والتجديد الدائمين،
 إن أحزابنا القومية غالبا ما تكون دون برامج تذكر، وبهذا الصدد يقول إنجلز :(إن حزبا بلا برامج… يمكن أن يتسلل إليه أيّ كان –وبالتالي- لا يمكن أن يكون حزبا) ويمكنني القول هنا من أن المرحلة الاستثنائية التي تجتازها سوريا تمخضت عنها أحزاب، أو أشباه أحزاب لا مستقبل لها، وإن استمراريتها متوقفة على حاملين اثنين هما المال السياسي أولا، والأزمة العاصفة بالبلاد ثانيا، وهذان العاملان هما أفرزا عناصر انتهازية تسلمت السلطة السياسية في غفلة من الزمن وليس ببعد نضالي .. في ظل هذا الواقع تناضل الأحزاب القومية لشعبنا الكوردي نضاله السياسي والثقافي، وللأسف أنها غير قادرة على مدّ الواقع السياسي بالفكر المتقدم نسبيا جرّاء تبعثرها وتشتتها في أحزاب صغيرة، وتماهيها في شعارات نضالية غالبا ما يكون أكبر من مقاسها، أجل هي عاجزة عن مدّ الواقع برؤية فكرية واضحة وسليمة، حيث تقتصر دعوتهم للسّواد الأعظم من شعبنا على التثوير والتعبئة خلف شعارات لها رنين قومي آسر، وزعيق نضالي، لكن دون معرفة وفكر، ودون احتساب للظروف وماذا ينبغي فعله.. من المعلوم أن (التقدمي) بلا طريق يمرّ بحمأة آسنة بعد أن تاه (بين بين) فأضلّ الطريق لحسابات ذاتية ضيقة، والبارتي دوما يفتقر إلى قيادة، إلى كوادر قيادية، فهي لا تعدو كونها جاءت من لملمة عناصر انتهازية ضعيفة، مع سيطرة مناطقية عشائرية، أما الأحزاب الصغيرة فقد اشرأبت بأعناقها متطلعة بإذلال إلى قسمتها من معونات الإقليم، على أن يستأثر بها السكرتير وحده كونه هو الحزب.. يبقى اليكيتي المعروف بأدائه ونضاله، وجماهيره الواعية نسبيا، رغم التباين أحيانا في وجهات النظر بين أركانه وكوادره المتقدمة، يبقى هو الأمل ونحن نتطلع بثقة من أن الإقليم يدرك هذا الجانب، فالبون شاسع بين من يستجدي وبين من يناضل والجمهور (البرزاني) الغفير على ثقة بأن الإقليم سيجازي المناضلين بالثناء عليهم، وسيجافي المتقاعسين ممن عينهم على جيوب الناس، فعندما تكون أعينهم على المال فتغفل بالتالي عن النضال..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين من المعلوم انتهى بي المطاف في العاصمة اللبنانية بيروت منذ عام ١٩٧١ ( وكنت قبل ذلك زرتها ( بطرق مختلفة قانونية وغير قانو نية ) لمرات عدة في مهام تنظيمية وسياسية ) وذلك كخيار اضطراري لسببين الأول ملاحقات وقمع نظام حافظ الأسد الدكتاتوري من جهة ، وإمكانية استمرار نضالنا في بلد مجاور لبلادنا وببيئة ديموقراطية مؤاتية ، واحتضان…

كفاح محمود مع اشتداد الاستقطاب في ملفات الأمن والهوية في الشرق الأوسط، بات إقليم كوردستان العراق لاعبًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين أطراف متخاصمة تاريخيًا، وعلى رأسهم تركيا وحزب العمال الكوردستاني، وسوريا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في هذا السياق، يتصدر الزعيم مسعود بارزاني المشهد كوسيط محنّك، مستفيدًا من شرعيته التاريخية وصلاته المعقدة بجميع الأطراف. ونتذكر جميعا منذ أن فشلت…

خوشناف سليمان في قراءتي لمقال الأستاذ ميخائيل عوض الموسوم بـ ( صاروخ يمني يكشف الأوهام الأكاذيب ) لا يمكنني تجاهل النبرة التي لا تزال مشبعة بثقافة المعسكر الاشتراكي القديم و تحديدًا تلك المدرسة التي خلطت الشعارات الحماسية بإهمال الواقع الموضوعي وتحوّلات العالم البنيوية. المقال رغم ما فيه من تعبير عن الغضب النبيل يُعيد إنتاج مفردات تجاوزها الزمن بل و يستحضر…

فرحان مرعي هل القضية الكردية قضية إنسانية عاطفية أم قضية سياسية؟ بعد أن (تنورز) العالم في نوروز هذا َالعام ٢٠٢٥م والذي كان بحقّ عاماً كردياً بامتياز. جميل أن نورد هنا أن نوروز قد أضيف إلى قائمة التراث الإنساني من قبل منظمة اليونسكو عام ٢٠١٠- مما يوحي تسويقه سياحياً – عالمياً فأصبح العالم يتكلم كوردي، كما أصبح الكرد ظاهرة عالمية وموضوع…