عندما تكون ذاكرتنا مثقوبة من المؤكد ستكون قراءتنا للحاضر ناقصة لا بل مشلولة

بهزاد دياب
في عام 1991 وعلى اثر الحرب الخليج وهزيمة القوات العراقية في الكويت انتفضت معظم المحافظات العراقية ومن ضمنها المحافظات الكردية ,وبسبب تقدم القوات العراقية نحو المناطق الكردية وخشية الكرد من تكرار تجربة إلقاء الأسلحة الكيماوية عليهم كما حدثت في مدينة حلبجة الكردية جرى نزوح مليوني نحو الحدود التركية في ظل ظروف مناخية صعبة ومأساوية , مما دفع المجتمع الدولي (أوربا – امريكا ) تحت ضغط الرأي العام الذي لعب دورا لافتا في التعاطف مع تراجيديا الكردية على فرض قرار الحماية الدولية للمنطقة الكردية واستتبعه حظر الجوي للطيران العراقي على أجواء كردستان . 
في تلك المرحلة لم تبق دولة في العالم إلا ما ندر و لم تتعاطف مع الكرد كشعب غدر به التاريخ والجغرافيا معا , باستثناء الدول الغاصبة وحزب العمال الكردستاني فقط !! ولمجرد بادرت القيادة الكردية عام 1992 في بناء مؤسساتها لغرض إدارة المنطقة في ظل الفراغ الذي تركه انسحاب النظام , سرعان ما هاجمت قوات حزب العمال على المنطقة بدعم من النظام السوري والعراقي والإيراني فكانت الاستخبارات السورية تملئ الشاحنات بمقاتلي الحزب وتقلهم إلى المنطقة الحدودية السورية- العراقية وتحديدا إلى قرية كره صور التابعة لمنطقة ديريك كنقطة العبور وكانت الاستخبارات العراقية تنتظرهم في الطرف الأخر لنقلهم إلى مناطق التماس مع البيشمركة, وهذه معلومات مؤكدة وليست مجرد ادعاءات , وحصلت حينئذ معارك عنيفة واستنزفت على أثرها طاقات وإمكانات كبيرة كانت من شانها تطوير المنطقة ناهيك عن إراقة دماء المئات من كلا الطرفين , والهدف كان واضحا هو محاولة لإجهاض التجربة الفتية والناشئة في كردستان العراق , كل ذلك في وسط دهشة المجتمع الدولي من سلوك حزب العمال الكردستاني الذي كان يتوجب عليه دعم تلك التجربة احتراما لدماء عشرات الآلاف من الشهداء , إلى أن تم دحر وهزيمة قوات حزب العمال من تلك المناطق , هذا على الصعيد العسكري , إما على الصعيد السياسي والإعلامي فيمكن اختزاله بمقولة اوجلان المشهورة عندما صرح حينها ان ما يجري في شمال العراق هو بمثابة خنجر مسموم في خاصرة الأمة العربية والمراد من ذلك كان محاولة لتأليب الشعوب العربية وقواها السياسية ضد الشعب الكردي وضد قضيته العادلة !!. 
واقع الحال لو تابعنا الخط البياني للحزب المذكور سنجد كلما تقدمت القضية الكردية نحو تحقيق المزيد من الانجازات والأهداف , يقف حزب العمال الكردستاني وفروعه بالمرصاد لها وكأنه وجد فعلا لخدمة جميع الأجندات باستثناء الأجندات الكردية وملامح العودة إلى الأصل تلوح في الأفق من خلال ألاعيبه في منطقة شنكال وفي مناطق أخرى إضافة الى ما تبثها إعلامه من تحريض وتشويه للحقائق وتصريحات رفاقه المشحونة بإثارة الكراهية لنيل من الإطراف الأخرى وفي مقدمتها مشروع الرئيس مسعود البرزاني الذي لم يتوان في تقديم الدعم والعون لحزب الاتحاد الديمقراطي لاعتبارات ليست خافية على احد , هذا الدعم الذي كان مبعثا لعدم الارتياح لدى فئات واسعة من الشعب الكردي في كردستان سوريا لأنها رأت في ذلك ثمة تقليل من دور حلفاءه التاريخيين! وفي ظني ستكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت لمجرد ان يتم إعلان استقلال كردستان العراق ولا استبعد أن يبادر الحزب المذكور بافتعال ا لحجج والأزمات لمعاودة نشاطه العسكري مجددا في مواجهة الطموح الكردي استجابة لرغبة الإطراف المعادية وخاصة الطرف الإيراني وحلفاءه , وأتمنى في قادم الأيام ان أكون على خطأ في استشرافي واستقرائي للمستقبل .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…