
قبل أيام قلائل، كان لي موعد مع السيد محمد عميرات (في الصورة على اليسار)، رئيس حزب الولاء الوطني في لبنان، في مقره بحي برج حيدر في بيروت، لتهنئته على فوز عدة مخاتير كورد في هذه المدينة التي تكثر فيها الأحزاب وتتقاطع وتتناقض السياسات، ولنطلع منه مباشرة على برنامج وسياسات ومواقف حزبه، حزب الولاء الوطني في لبنان.
على الطريق إلى هناك التقيت برفقة صديقين عزيزين، أحدهما كوردي لبناني والآخر كوردي سوري بالأخ زكريا فخرو، من رئاسة جمعية الأرز الكوردية اللبنانية، لدقائق معدودة، فدعانا لزيارة مقر الجمعية ورحب بنا بحرارة طافحة، وذكر لنا بأن عائلة فخرو الكوردية من أصول يزيدية، ولها تاريخ في الدفاع عن قضايا شعبها العادلة، لبنانياً وكوردياً، ولكن لضيق الوقت اعتذرنا منه، حتى لا نتأخر عن موعدنا.
كان استقبال الحاج محمد عميرات لنا حاراً وأخوياً، ولم تظهر على مقر حزبه الذي تأسس في عام 2008 أي دلائل أو رموز كوردية، في حين كانت تزين الجدار من خلف رأسه وعلى طرفه صوره مع كبار الشخصيات اللبنانية والكوردية اللبنانية ومنها الأخ سعد الحريري وفخامة رئيس الوزراء تمام سلام وسواهما، إلا أنه بدا صادقاً وصريحاً في حديثه، وبرر رفع علم كوردستان وصورة القائد الكوردستاني الخالد مصطفى البارزاني من المقر بأن قيادات الأحزاب الكوردية، وفي مقدمتها قيادة إقليم جنوب كوردستان، رغم نداءات حزبه المتكررة بالاهتمام بالشأن الكوردي اللبناني، قد أهملت مطلبه وتتجاهل وجودهم وكورديتهم، حتى أنها لم ترد على رسالتين أرسلهما الحزب لسيادة الأخ الرئيس مسعود البارزاني، إحداهما قبل سنة ونصف والثانية قبل أسابيع قلائل، فقلت بأنه ربما لم تصل الرسالتان إلى رئاسة الإقليم، فأخرج نسخة من الرسالة الأخيرة وقال: “آمل أن تصل عن طريقكم أو بطريق آخر إلى سيادة الرئيس البارزاني بالذات.” والرسالة فيها دعوة لقبول زيارة إلى الإقليم ولضريح القائد الخالد وللقيام بلقاءات هناك لشرح أوضاع الكورد في لبنان وبحث وسائل وأطر التعاون بين الإقليم في جنوب كوردستان وبين حزبه اللبناني.

وعندما سألته عن سبب اهتمام حزبه بزيارة إقليم جنوب كوردستان الذي أهمل مطالبه ودعوته، بل حتى الرد على رسالتين منه، أجاب بأن شخصاً كوردياً سورياً قاطناً في لبنان (ر. م) ليس له أي ظل سياسي معروف في الشارع الكوردي، يتردد على الإقليم ويصوّر نفسه مع قادة جبهات القتال بزي البيشمركه وبسلاحهم وينشر ذلك على موقعه الشخصي في الفيسبوك قد يكون وراء عدم الرد على رسالته الأخيرة، فقلت له: “لربما يكون دق المسمار من جهة استخباراتية أو سياسية بسبب نشاطكم الديني الواضح؟” فأجاب: “السيد البارزاني مسلم سني مثلنا وأشد منا إسلاميةً، فلا خلاف بين أهدافنا وأهدافه النبيلة التي تتمثل في حماية شعبنا ومجتمعنا الكوردي من الضلال والفساد.” وعندما أكدت له بأن السيد البارزاني لا يفرّق بين أبناء وبنات شعبه، سواءً أكانوا يعيشون في لبنان أو في شتى أنحاء العالم أو في إقليم جنوب كوردستان، قال بأنه واثق من قيادة الرئيس البارزاني الصادقة لشعبه ومن أن الرسالتين اللتين بعثها حزبه له ربما لم تصلا إليه أبداً، فلكل إنسان جماعة من حوله قد تمنع عنه وصول الكثير من الحقائق والوقائع (بطانة الشر أو الخير!). فسألته: “وماذا في حال رفض قيادة الإقليم التعاون والتنسيق معكم، هل ستظلون مدافعين عن الكورد؟” فأجاب: “بالتأكيد، حتى ولو أهملتنا كل الأحزاب في كوردستان، فإننا أكراد ومن واجبنا متابعة الدفاع عن شعبنا في لبنان لأننا مكون متميز قومياً من مكونات المجتمع اللبناني ولنا حقوق نطالب بها، وما نريده من إخوتنا الكورد خارج لبنان هو مساعدة أطفالنا وشبابنا في التعرّف بشكلٍ أفضل على شعبهم وتاريخه وثقافته وتعلّم اللغة الأم… ثم إن هذه مسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً.”

وقبل الخروج من المقر الذي وجدته متواضعاً وهاماً في الوقت ذاته لجذب الكورد عامةً، سألته: “متى ستعلقون صورة الرئيس البارزاني وعلم كوردستان من جديد في قاعات وغرف هذا المقر؟ ” أجاب مبتسماً: “ليستقبلونا في كوردستان ويعاملوننا كأكراد، فسنملأ هذا الجدار بصور القائد البارزاني ولقاءاتنا مع القيادات الكوردية.” وودعناه بحرارة أخوية وهو يرجو أن تصل رسالته الأخيرة إلى مكتب رئاسة الإقليم في جنوب كوردستان، وأجوبته ومواقفه السياسية للرأي العام الكوردستاني، وآمل أن نتمكن من ذلك إن شاء الله، إن لم تكن رسالته الأخيرة قد وصلت بعد.
23 أيار، 2016