صراع المتخلفين وجدلهم العقيم.. أحزابنا الموقرة نموذجا

 دلكش مرعي
 
لو ألقينا بقعة من الضوء على محطات التطور الفكري والمعرفي بيننا وبين العديد من شعوب العالم سنلاحظ بأننا نتخلف عنهم آلاف السنين فمعظم الأحزاب الكردية وحتى معظم المثقفين ولأفراد الكل  يدعي بأنه يمتلك الحق والحقيقة والفكر الصائب وبأنه معصوم عن الخطأ وعبر هذه القناعة والتعصب الأعمى والتأله تجري صراعهم وجدلهم الفارع والعقيم والضار بمستقبل هذا الشعب  . بينما كان الآخرين ومنذ آلاف السنين كانوا يبحثون عن الحقيقة ومازالوا يبحثون عنها ولا يدعون بأنهم يمتلكونها … وهذا الموضوع واسع ومتشعب ونحن هنا لسنا بصدد سرد تاريخي له ولكن سنأخذ أمثلة للتوضيح فقط .
 فقد كان – زينو فانيس – الإغريقي المولود في عام – 571 – قبل الميلاد هو أول مفكر طور نظرية نقدية للبحث عن الحقيقة فقد ربط فكرة الحقيقة الموضوعية بالفكرة الجوهرية القائلة – بأن البشر غير معصومين عن الخطأ  – وقد تبنى هذه الفكرة وطورها كل من – سقراط – وبعده لوك – وهيوم – وفولتير – ومعظم العلماء في هذا العصر تبنوا من حيث الجوهر هذا التوجه والكل مؤمن بأنه لا توجد حقيقة كاملة أو فكرة مكتملة أو علماً كاملاً يمتلك الحقيقة الكلية ومن أجل هذا الفهم تجد بأن هناك دائماً تطوير وبحث متواصل على مختلف مجالات الحياة لترقية ما تحقق من معرفة وتطويرها  … كان – فولتير – يقول : التسامح هو النتيجة الحتمية لإدراكنا إننا لسنا معصومين من الأخطاء البشر خطاؤون نحن نخطأ طوال الوقت دعونا إذن نغفر لبعضنا حماقاتنا –  ولكن كان في الجانب الآخر يقول يجب أن  نتسامح في معظم الأمور إلا مع التعصب لأن التعصب حسب رأيه يدمر التسامح ذاتها ويحطم الدولة الدستورية – لقد كان فولتير على حق لأن التعصب لأي فكر أو عقيدة  كان مدمرا عبر التاريخ فالتعصب الديني أنتج الحروب الدينية والمذهبية أنتج الحروب المذهبية والتعصب القومي الحروب القومية والحزبية الاستبداد والصراع والجمود الفكري  وأحيانا الحروب بين الأحزاب .. ما نود قوله هو إن التعددية أو الاختلاف في الرأي تبقى صحيحة إذا كان هدفها البحث عن الحق والحقيقة .. ولكن من المؤسف بأن معظم أحزابنا في غربي كردستان تبحث عن مصالحها الحزبية الموبوءة والبائسة وهي بعيدة جدا عن البحث عن الحق أو البحث عن الحقيقة ومن أجل هذا التوجه يمكن القول بأن مستقبل الشعب الكردي ومصيره في غربي كردستان سيبقى مجهولاً ومفتوحاً لشتى الاحتمالات.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…