القضية الكوردية و العاطفة الشعبية

مروان سليمان
لماذا لم يفكر الكورد في بناء وحدة إجتماعية و سياسية و عسكرية قوية و متماسكة تضم الجميع من أحزاب و مستقلين و جماهير كوردية، ليس بالضرورة تحت راية الوحدة بل تحت الخيمة التي توحد الكورد رأياً و مشاورةً و مصلحةً و دفاعاً، و لماذا تبقى هذه القوة مشتتة في جميع الإتجاهات يستغلها الأعداء لضرب الكورد ببعضهم البعض؟.
ففي الوقت الذي نطالب بحوار أو مفاوضات و نطرح فيها قضيتنا للقوى الدولية و الأقليمية و حتى مغتصبي وطننا فإن أي حوار أو مفاوضات بين طرفين غير متساويين في القوة يبقى دون جدوى، فما الذي يعطيه الطرف القوي (السلطة المخابراتية أو توابعها) للذي يفاوضه إذا لم تكن هناك قوة تردعه؟
و ماذا يأخذ الطرف الضعيف في المعادلة من الطرف القوى؟. و كيف يقاوم الضعيف مشاريع السلطات و الأنظمة التي فرضت على الشعب في غفلة من الزمن؟. و كيف نتصدى للمشاريع العنصرية التي تطبق بحقنا نحن الشعب الكوردي في حين يتقاعس البعض الآخر لا بل يهاجم الضعفاء في الحركة الكوردية نيابة عن النظام الأمني و السلطة المخابراتية و يجهل أو يتجاهل الحقيقة و يتقن إتهام الآخرين.
كيف نفاوض و نحاور الأعداء إذا لم نكن قادرين على الدفاع عن أنفسنا أو إسقاط بعض القرارات التي تصدر من سلطة فرضت نفسها على شعبنا الكوردي في كردستان سورية بقوة السلاح و بدعم مباشر من النظام السوري و داعميه الأقليميين، أو حتى أننا نعجز بالوقوف ضد القرارات التعسفية التي تصدر بحق بعض الناشطين الكورد مثل منعهم من دخول البلاد أو الإعتقالات العشوائية التي تطال السياسيين الكورد أو كل من لا يتوافق رأيه مع أطروحات سلطات الأمر الواقع.
الحوارات و المفاوضات التي تجري تحت الضغوطات من الآخرين بين طرفين غير متوازيين لا في الدعم من القوى الدولية و لا في السلاح الذي يملكه كل واحد منهم أو حتى عدد الجنود الذين يحاربون على جبهات القتال و في هذه الحالة نستطيع أن نسميها إملاء شروط الطرف القوي على الطرف الضعيف و إستسلام الطرف الضعيف لما يطلبه الطرف القوي و هكذا فإنه لا حوار و لا مفاوضات بين القوي و الضعيف إذا لم تكن تلك المفاوضات و الحوارات بين طرفين متوازيين في القوة و الدعم.
و من هنا يشعر الشعب الكوردي باليأس و يشعر بالعجز داخل وطنه و تتحول بعض إنجازاته الخجولة التي حققها في وقت ما إلى هزائم على المدى الطويل و لا يبقى أمامه سوى الإستسلام و نصاب بداء عقدة الهزائم و الخوف من المستقبل نتيجة قدرة الأنظمة المغتصبة على المناورة السريعة و الإلتفاف على قضيتنا العادلة بسبب إمتلاكهم للقوة المخابراتية و العسكرية و تمتعهم بالحصانة الدولية بينما نحن لا نزال نلتهي بإنجازات هذا و ذاك و يضع كل طرف اللوم على الآخر و ندخل في الجدالات البيزنطية نتيجة العقلية الإستبدادية لدى البعض و الموقف المرن من البعض الآخر و تهرب الآخرين من مسؤولياتهم الملقاة على عاتقهم و خاصة في هذه المرحلة المصيرية من التاريخ الكوردي لأن التحرر و التقدم و الحرية التي نناشدهم لا يزال عاطفياً لم يدخل بعد إلى مرحلة العقل الذي يتطلب الحكمة و الخطط الوطنية و القومية و التقييم المنطقي للسياسات التي نحن فيها.
06.05.2016 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين ملاحظة برسم شركاء الوطن باالإدارة الانتقالية واذا كان من حق الإدارة العسكرية ذات اللون الواحد تسييرشؤون البلاد بعد نيلها شرف اسقاط نظام الاستبداد – وهو عمل يحظى بكل التقدير – من جانب معظم السوريين الذين ناضلوايضا منذ عقود، وساهموا في اضعاف النظام، وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام، ولاشك انهم يتاملون ان يتم تنظيم الحوارات الداخلية…

فرحان كلش الملاحظ أن هناك تكالب دولي واقليمي مثير للريبة على المساهمة في تثبيت أقدام الإدارة الجديدة في دمشق، هذا الإندفاع ربما له أسبابه بالنسبة لكل دولة، فالدول الغربية تنطلق من الخطورة التي تشكلها الأحزاب اليمينية المعادية لللاجئين والتي تهدد الحكومات اليسارية واليمين الوسط الأوربي، لذلك نشهد أن هذه الحكومات تتقاطر إلى دمشق والمؤتمرات الخاصة بها بهدف التخلص من ملف…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* يتجلّى الحل الحقيقي لمشكلة الاستقرار والأمن والتعايش في إيران والشرق الأوسط بشكل أوضح، يوماً بعد يوم. وهذا الحل هو “إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكم في إيران”. فلماذا؟ قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإقرار بحقيقة جلية وهي أن القوة الوحيدة التي وقفت منذ البداية موقفًا راسخًا ضد دكتاتورية ولاية الفقيه،…

خليل مصطفى اعتقدتُ (وكورد سوريا) أنه مع سقوط نظام البعث وفروعه الأمنية… ستختفي أصوات وكتابات شهود الزور (السُّفهاء) الأشد كفراً ونفاقاً من أعراب سوريا المُعاصرين.؟ لكن: الاعتقاد تلاشى بظهورهم (شهود الزور السُّفهاء) على وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، يوتيوب انستجرام) وهُم ينبحُون دفاعاً عن أيديولوجيتهم النتنة… رغبة منهُم بإبقاء كورد سوريا مُهمشين إلى الأبد بلا هوية قومية، تماماً كنباحهُم (الهستيري):…