هل تكفي مواجهة داعش لحل السياسي في سوريا ؟

افتتاحية موقع مواطنة
تتجه مباحثات جنيف الى الفشل ، بعد  انهيار الهدنة المعلنةفي 27 شباط /فبراير الماضي  بين النظام الاسدي والمعارضة بسبب هجمات عديدة قام بها طيران الاسد على مناطق سكنية في دير العصافير،  ومعرة النعمان وكفرنبل وخاصة مدينة حلب باستهداف المدنيين من خلال القصف المتعمد للأفران ومراكز الدفاع المدني والمستشفيات كمشفى القدس  في حي السكري مما أدى لوقوع مئات الشهداء والجرحى في محاولة يائسة لكسر إرادة الثوار وإعادة سيطرة عصابات الاسد على المناطق المحررة ، وقد بلغ عدد ضحايا القصف خلال ثمانية ايام 244 شهيدا حسب بعض مصادر حقوق الانسان 
لم تحمل الجولة الثالثة من محادثات جنيف 3 أي جديد يسهم في التأسيس لحل سوري، بعدرفض وفد الاسدبحث الانتقال السياسي” الأسد وديمستورا يلتفان على الموضوع ويحاولان تغيير محتوى عملية الانتقال السياسي”وتشكيل هيئة تنفيذية بصلاحيات واسعة من دون الاسدحسب قرار مجلس الامن الدولي 2254، مع استمرار الضغوط الروسية والتصعيد الميداني من قبل النظام الاسدي ، ما دفع المعارضة للانسحاب من المباحثات قبل أيام من نهايتها احتراما للدم السوري .
وفي تقريره امام الامم المتحدةأعلن الموفد الدولي الخاص الى سورية ستيفان دي ميستورا ان اتفاق وقف الاعمال القتالية الساري منذ شهرين “في خطر كبير” ويجب “انعاشه” قبل تحديد موعد الجولة المقبلة من مفاوضات السلام بين طرفي النزاع.من جهة ثانية أوضح  ديمستوراخلال مؤتمر صحفي في جنيف انه دعا امام مجلس الامن الدولي كلاً من الولايات المتحدة وروسيا، “راعيتي” الاتفاق، العمل في سبيل احياء الهدنة السارية ، بعد ان علقت الهيئة العليا للمفاوضات مشاركتها، وحددت شروط العودة بإطلاق سراح المعتقلين، وادخال المساعدات الإنسانية الى المدن المحاصرة، ووقف القصف العشوائي على المدنيين، والتفاوض على تشكيل هيئة حكم انتقالي بدون الاسد .
في ظل هذه الأجواء، استمرت روسيا بمناوراتها وضغوطها على المعارضة السورية، مع محاولتها ضرب وفد الهيئة العليا وترقيقه  بإدخال “معارضين” مقربين منها في صفوفها، حيث لم تتوقف محاولاتها  لتوسيع وفد الهيئة العليا بهدف زرع بذور الخلاف ، أو الدخول بوفد ثالث لتمييع المفاوضات والتخلص من بيان جنيف، وهو ما برز بمحاولاتها إنشاء وفد موحّد من مؤتمرات الأستانة وموسكو والقاهرة وحميميم ، وتلويحها بورقة “الإرهاب” في وجهفصائلعسكرية مشاركة في الوفد، إضافة إلى محاولاتها منع مجموعة دعم سورية من الانعقاد.
ورغم مضي خمس سنوات من القصف والحصار وتجويع، السوريين، ،الذين باتوا يعانون من أوضاع إنسانية سيئة للغاية، ورغم خطر القصف الدائم، ما زال السوريون يخرجون في المظاهرات ويؤكدون على مطالبهم، معربين عن اعتقادهم  بأنه لو كانتأوضاعهم أفضل بقليل لكانوا جميعا في الشوارع يطالبون بالحرية والعدالة ورحيل الاسد .
وقد وضحت الصورة للعالم بان الاسد هو مغناطيس الارهاب بعد قصف حلب وان استمرار الازمة السورية سيفاقم تدفق اللاجئين الى تركيا ودول الاتحاد الاوربي.
يؤكد الجميع على ان سياسة باراك اوباما المترددة تجاه سوريا قد فتحت المجال لتدخل ايران في العراق وسوريا عبر ميليشياتها الطائفية ووحدات الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني للقتال الى جانب النظام الاسدي والامعان في الدم السوري ، كما استغلت روسيا ضعف الدور الامريكي والاوربي لدعم تغيير موازيين القوى ، مما ساعد على تمكين  بوتين من قيادة حتى العملية السياسية في جنيف والعودة الى المسرح  الشرق اوسطي عبر البوابة السورية ، بعد تراجع الخطوط الحمر ، والحديث المتكرر للرئيس الامريكي  على ان الحل في سوريا “سياسي “وليس “عسكري”وتصريحاته الاخيرة “من الخطأ إسقاط الأسد بالقوة “مما شجع الاسد على ارتكاب مجازر حلب الاخيرة ، وجعله شريكا في الدم السوري مثل بوتين وخامنئي ونصر الله …الخ بعد أن تغيرت الأولويات بحيث صارت محاربة داعش واللاجئين وليس الاسد الأولوية الاولى  عند الولايات المتحدة ، و تشترك معها في ذلك اوروبا ايضاً ، من هنا تحاول روسيا التنسيق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة الامريكية  في موضوعي الارهاب واللاجئين ، فما يحدث داخل غرف الاجتماعات بين الطرفين لاعلاقة له بما يجري،لا بانتصارات النظام ولا المعارضة ، لأنه ثبت بان اجتماعات كيري ولا فروف تدور حول كيفية القضاء على داعش،  وضرورة التعاون  والتنسيق من اجل مواجهة هذا الخطر الداهم، ويبدو بان التهدئة هي العنوان الابرز لمعالجة الموضوع السوري ودعم طاولة المفاوضات واستمرارها والتي ستستغرق وقتا طويلا،وامام هذا الواقع سيحاول النظام الأسدي من جهة ومعه النصرة وداعش من جهة ثانية ضرب المعارضة المعتدلة ودفعها للخروج من العملية السياسية ، لا بل سيجعل امكانية التوصل الى حلول سياسية ضرباً من المستحيل مما يعني سورياً الغوص عميقا في دوامة العنف والقتل والتدمير.
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…

د. محمود عباس قُتل محمد سعيد رمضان البوطي لأنه لم ينتمِ إلى أحد، ولأن عقله كان عصيًا على الاصطفاف، ولأن كلمته كانت أعمق من أن تُحتمل. ولذلك، فإنني لا أستعيد البوطي اليوم بوصفه شيخًا أو عالمًا فقط، بل شاهدًا شهيدًا، ضميرًا نادرًا قُطع صوته في لحظة كانت البلاد أحوج ما تكون إلى صوت عقلٍ يعلو فوق الضجيج، مع…

صديق ملا   إن قراءة سريعة ومتفحصة للتاريخ المعاصر في الشرق الأوسط يستنتج : أن هذا الشرق مقبل على تحولات كبرى ، فالدول التي أنتجتها إتفاقية (سايكس_بيكو)ستتفكك لا محالة ليس فقط بتأثير النظام العالمي الجديد ، بل بتأثير يقظة الوعي القومي للشعوب المستعمَرة أيضا… فالتطورات التي حدثت بعد ثورات الربيع العربي ابتداءاً بتونس ومصر وليبيا وأخيراً سورية قد أرعبت الدول…