ما جرى في – عفرين – عمل تشبيحي مدان

صلاح بدرالدين
  تزخر الحكايات الشعبية الكردية بنوع خاص من الأغاني المتداولة منذ مئات السنين وتتناقلها الأجيال تدور حول صراعات ومواجهات العشائر والعائلات بين بعضها البعض أو مع القوى النظامية والحكومية السائدة المعتدية وفي الغالب تنسب تلك الأغاني الى أحدى النسوة من قريبات الضحية – البطل الذي قاتل حتى الرمق الأخير من دون استسلام للعدو والخصم ودائما وفي كل تلك الأغاني تتوجه الى قتلة أخيها أو ولدها متمنية عليهم بعدم تشويه جثته أو الانتقاص منها والتعامل معها حسب أصول الأديان السماوية والعرف والتقاليد.
وفي العصر الحديث ومنذ انتشار شعاع الحضارات والعلوم والثقافة وتكريس المفهوم المدني وانبثاق الهيئات الدولية وظهور الاعلان العالمي لحقوق الانسان وقيام الدول والحكومات الديموقراطية وصدور االآلاف من القوانين والمبادىء التي تحدد قيم التعاون والتعايش وتكرس مفاهيم سامية للحقوق والواجبات بمافي ذلك حقوق الكائنات الحيوانية وأنشئت في سبيل ذلك محاكم وطنية وعالمية حول الجرائم الانسانية والابادة وأصول التعامل مع الأسرى وحرمة جثث الضحايا في مختلف أنواع الحروب والثورات والانتفاضات .
  مناسبة هذه المقدمة هي اقدام مسلحي – ب ي د – على استعراض العشرات من جثث ضحايا الاشتباكات في ريف حلب العائدة لفصائل معارضة لنظام الاستبداد وليس بينها لا – داعش ولا النصرة ولا القاعدة – بأحد شوارع مدينة – عفرين – على احدى الشاحنات المعارة من ميليشيات حزب الله في بلدة – نبل – من دون أي احترام للمشاعر الانسانية ولمبادىء العيش المشترك بين الكرد والعرب .
  صحيح أن الحدث حصل في – عفرين – ولكن أهلنا هناك واجهوا ذلك التصرف المشين بالرفض والادانة خاصة وأن غالبية سكان المدينة بمثابة رهائن لدى مسلحي هذه الفئة الخارجة من الخندق الوطني والموالية لنظام الاستبداد بل أن هناك مناضلون كرد معروفون في سجونها وأقبية تعذيبها . 
  مهما تطلق من أوصاف قاسية حول جريمة جماعة – ب ي د – في شوارع عفرين قليلة على مقترفيها وعلينا نحن الكرد أن نغادر الى الأبد الخطاب التبريري المتبع البالي فكل انسان سوي يتمنى أن يعتز بمحاسن شعبه ويفتخر بماضيه وحاضره ولكن الحقيقة أن في كل شعب ومنهم الكرد أخيار وأشرار وفي حادث عفرين وقبل ذلك في أكثر من مكان لايتعلق الأمر بخطأ فردي ثم اعتذار بل نابع من نهج فكري – ثقافي مغامر ووظيفة سياسية لجماعة كردية ضمن مشروع نظام الاستبداد نحو تشويه الثورة واثارة الفتنة العنصرية والاستمرار بتدمير المناطق الكردية بطرق مستحدثة ماجرى كان اشارة الانطلاق للانتقام ليس من أهلنا الطيبين في عفرين فحسب بل من كل من هو كردي الانتماء وتردد أن مسؤول حزب الله في (نبل) ويدعى “حجي لبناني”، حضر هذا الاستعراض، إضافةً إلى فريق قناة المنار التلفزيونية .
  ستبقى علاقات الصداقة والاحترام المتبادل والشراكة والاعتراف بالبعض الآخر وجودا وحقوقا أقوى من كل المخططات الهدامة ومؤامرات بث الفرقة والانقسام الصادرة من جانب نظام الاستبداد وأجهزته وشبيحته عربا كانوا أم كردا وستبقى سوريا التي يسعى اليها شعبنا تعددية ديموقراطية موئلا لنا جميعا ووطنا مشتركا للعرب والكرد وسائر المكونات والأطياف وستظل الثورة الوطنية المندلعة منذ خمسة أعوام وسيلتنا وسلاحنا في تحقيق أهدافنا المشروعة مهما طال الزمن .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…