ماذا بقي من الثورة السورية في عامها السادس؟

فرحان مرعي
هل تنجح الثورات دائماً ، هل من المسلمات إن تنجح الثورة، هكذا تعودت الشعوب في كل مكان ، الثورة تندلع لتنتصر ، ولكن نظرة شاملة للثورة السورية، تطوراتها ، تقلباتها ، مساراتها ، …..تؤكد إجمالا أن هذه الثورة فشلت، حتى لو نجحت المعارضة، في إسقاط النظام ، حيث أن بقائه وزواله أصبح شيئاً طبيعياً بالنسبة إلى الناس، استناداً إلى نتائج الحرب ووقائعها  واحتمالات الحل السياسي، أن دراسة وتحليل في سياسة المعارضة بأشكالها المختلفة المعتدلة والمتشددة، لم تبقى منها هدف سوى إسقاط رأس النظام كمطلب انتقامي وثأري،
 أين الحرية التي نادت بها الشعب في الأشهر الأولى للثورة أين الديمقراطية التي حلمت بها الشعب، أين مشروع الدولة الديمقراطية المدنية الاتحادية ؟؟ وخاصة أن القوى العسكرية التي تحتل الأرض تفكر بعقلية القرون الوسطى، والقوى العلمانية والديمقراطية السياسية ضعيفة جداً بينما القوى الدينية الإسلامية المتشددة هي التي تحكم فكرياً وعسكرياً، حتى الشخصيات التي كانت من المفترض أن تكون علمانية، ليبرالية، ديمقراطية، ظهرت بميول استبدادية قمعية فكرياً وسياسياً، كما أن النظام نجح في إفراغ  سوريا من القوى الشبابية الثورية المتفتحة والقوى الوطنية الشريفة سواء بالقتل أو السجن أو التهجير، ظل جيوب هنا وهناك تصرخ للدفاع عن وجودها، وفك الحصار عن نفسها حتى لا تموت جوعاً، وهي تموت تجويعاً أمام أنظار العالم. 
أية ثورة ما لم تنجح سلمياً لن تكون ديمقراطية تماماً وعلى الأغلب في هكذا حالة سيحتل  ديكتاتور محل ديكتاتور، أن مستويات الدم التي أريقت من جميع الأطراف جعلهم يفكرون بعقليات انتقامية ، ونمت عندهم  مواقف ورؤى غير ديمقراطية، غداً ستستخدم هذه الأطراف مقاييس الدم في توزيع الديمقراطية والثروة والحقوق، وهذا خطأ كبير، وأيديولوجيا تسعى إلى الديكتاتورية. الحرية والديمقراطية لا تتجزآن ولا تعطى وفق هذه المقاييس، إن من حق الجميع آن يتمتعوا بالديمقراطية حتى لو لم يكونوا مشاركين في الثورة أو لم يبذلوا الدم، أخلاقيا لا يجوز المزاودة والمتاجرة بالدم والشهداء والعسكر وشعارات المقاومة، حتى قوى الثورة المضادة السياسية يجب أن لا تستثني من منجزات الثورة الديمقراطية، نستطيع القول في المحصلة : إن الثورة السورية تحولت إلى حرب أهلية وطائفية وداعشية ممنهجة ، بالوكالة وبالأصالة عن الدول الإقليمية والكبرى، لم يبقى من الثورة الوطنية إلا بؤر هنا وهناك، وإرادة شعبية تطمح إلى التغيير، ولكنه واقع بين خيارين، من يختار، الإسلام المتطرف والداعشي أم النظام، وهذين الاختيارين انتحار، كمن يختار بين الطاعون والكوليرا، ولكن كيف يمكن بناء خيار ثالث هذا غير واضح .  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…

نظام مير محمدي* في الغالب، فإن النظام الإيراني يبدو في حالة لا تمکنه من أن يصر على إن أوضاعه على ما يرام وإن ما حدث خلال العامين الماضيين الى جانب ما يحدث له حاليا على الاصعدة الداخلية والاقليمية والدولية، لم يٶثر عليه سلبا، ذلك إن الامر قد تعدى وتجاوز ذلك بکثير ولاسيما بعد أن تناقلت…